كان مراد عمر أن يأمر بما هو أفضل " واستشهد له بما رواه عن ابنه من أنه " كان عبد الله بن عمر يأمر بالمتعة ، فيقولون له : إن أباك نهى عنها . فيقول : إن أبي لم يرد ما تقولون " وحاصل كلامه ما صرح به في آخره حيث قال : " فكان نهيه عن المتعة على وجه الاختيار ، لا على وجه التحريم ، وهو لم يقل : " أنا أحرمهما " . قلت : أما أن مراده كان لأمر بما هو أفضل ، فتأويل باطل ، وأما ما حكاه عن ابن عمر فتحريف لما ثبت عنه في الكتب المعتبرة ، وقال ابن كثير : " كان ابنه عبد الله يخالفه فيقال له : إن أباك كان ينهى عنها ! فيقول : خشيت أن يقع عليكم حجارة من السماء ! قد فعل رسول الله ، أفسنة رسول الله نتبع أم سنة عمر بن الخطاب ؟ ! " [1] . والعمدة إنكاره قول عمر : " وأنا أحرمهما " . وسنذكر جمعا ممن رواه ! هذا ، وكأن ابن تيمية يعلم بأن لا فائدة فيما تكلفه في توجيه تحريم عمر والدفاع عنه ، فاضطر إلى أن يقول : " أهل السنة متفقون على أن كل واحد من الناس يؤخذ بقوله ويترك إلا رسول الله ، وإن عمر أخطأ ، فهم لا ينزهون عن الاقرار على الخطأ إلا رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم " [2] . لكنه ليس " خطأ " من عمر ، بل هو " إحداث " كما جاء في الحديث المتقدم عن أبي موسى الأشعري . . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني ، فأقول : يا رب أصحابي ! فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ! " [3] .
[1] تاريخ ابن كثير 5 / 141 . [2] منهاج السنة 2 / 154 . [3] أخرجه البخاري وغيره في باب الحوض .