فدفعت إليها كتاب معاوية . فقالت : يا بني ألا أحدثك بشئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ؟ قلت : بلى . قالت : فإني كنت وحفصة يوما من ذاك عند رسول الله . فقال : لو كان عندنا رجل يحدثنا . فقلت : يا رسول الله ، ألا أبعث لك إلى أبي بكر ؟ فسكت . ثم قال : لو كان عندنا رجل يحدث . فقالت حفصة : ألا أرسل لك إلى عمر ؟ فسكت . ثم قال : لا . ثم دعا رجلا فساره بشئ ، فما كان إلا أقبل عثمان ، فأقبل بوجهه وحديثه فسمعته يقول له : يا عثمان ، إن الله عز وجل لعله أن يقمصك قميصا ، فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه ، ثلاث مرار . فقلت : يا أم المؤمنين ، فأين كنت عن هذا الحديث ؟ ! فقالت : يا بني ، والله لقد أنسيته حتى ما ظننت أني سمعته " [1] . قال النعمان بن بشير : " فأخبرته معاوية بن أبي سفيان . فلم يرض بالذي أخرته ، حتى كتب إلى أم المؤمنين أن اكتبي إلي به . فكتبت إليه به كتابا " [2] . فانظر كيف أيدت - في تلك الأيام - معاوية على مطالبته الكاذبة بدم عثمان ! وكيف اعتذرت عن تحريضها الناس على قتل عثمان ! ولا تغفل عن كتمها اسم الرجل الذي دعاه النبي صلى الله عليه وآله - بعد أن أبى عن الارسال خلف أبي بكر وعمر - وهو ليس إلا أمير المؤمنين عليه السلام . . ولكنها لا تطيب نفسا بعلي كما قال ابن عباس ، وسيأتي . فإذا كان هذا حالها وحال رواياتها في الأيام العادية . . فإن من الطبيعي أن تصل هذه الحالة فيها إلى أعلى درجاتها في الأيام والساعات الأخيرة من حياة