ووجدنا في أهل السنة المعاصرين من يخالف أسلافه في إنكار النص ، إنما يصحح خلافة من تقدم على علي بدعوى تنازل الإمام عن الإمامة ، وهو في هذا تبع للمعتزلة . . وسيأتي كلامه . متى بايع علي ؟ قد ثبت أنه بايع بعد وفاة الزهراء ، وبعد انصراف وجوه الناس عنه . . كما في نص الحديث . . . وكانت المدة ستة أشهر . . . وتفيد الأحاديث : أن الزهراء لو بقيت أضعاف هذه المدة لما بايعت ولما بايع علي . . ولكنها لحقت بأبيها ، وبقي علي وحده ، فاضطر إلى البيعة ، قال : " فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي ، فضننت بهم عن الموت وأغضيت على القذى ، وشربت على الشجا ، وصبرت على أخذ الكظم ، وعلى أمر من طعم العلقم [1] . وقال : " اللهم إني استعديك على قريش ومن أعانهم ، فإنهم قد قطعوا رحمي ، وأكفؤوا إنائي ، وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به من غيري ، وقالوا : ألا إن في الحق أن تأخذه ، وفي الحق أن تمنعه ، فاصبر مغموما ، أو مت متأسفا . فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذاب ولا مساعد ، إلا أهل بيتي ، فضننت بهم عن المنية ، فأغضيت على القذى ، وجرعت ريقي على الشجا ، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم ، وآلم للقلب من وخز الشغار " [2] . وقال في كتاب له إلى معاوية : " وزعمت أني لكل الخلفاء حسدت ، وعلى كلهم بغيت ، فإن يكن ذلك
[1] نهج البلاغة ط صبحي الصالح : 68 . [2] نهج البلاغة ط صبحي الصالح : 336 .