وإذا كان من جملة المنازل الثابتة لهارون بخلافته : فرض طاعته ونفوذ أمره في الأمة ، فعلي عليه السلام المنزل منزلة هارون كذلك ، ولو صرح النبي بهذا المعنى وقال : أنت مني بمنزلة هارون من موسى في فرض الطاعة ونفوذ الأمر وإن لم تكن شريكي في النبوة ، لكان كلاما مستقيما لا تنافي فيه أصلا . ويؤكد ذلك أمره صلى الله عليه وآله في غير واحد من الأخبار المعتبرة بإطاعة علي إطاعة مطلقة ، وأن من أطاع عليا فقد أطاعه ومن أطاعه فقد أطاع الله ، منها : ما أخرجه الحاكم بسنده عن أبي ذر رحمه الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع عليا فقد أطاعني ومن عصى عليا فقد عصاني . هذا حديث صحيح الإسناد [1] . هذا ، ولولا دلالة هذا الحديث على حصول تلك المنازل لعلي عليه السلام لم يقل عمر بن الخطاب - فيما رواه جماعة منهم الحاكم وابن النجار كما في ( كنز العمال ) - " كفوا عن ذكر علي بن أبي طالب ، فإني سمعت رسول الله يقول في علي ثلاث خصال لئن تكون لي واحدة منهن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس : كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح ونفر من أصحاب رسول الله والنبي متكئ على علي بن أبي طالب ، حتى ضرب بيده على منكبه ثم قال : وأنت يا علي أول المؤمنين إيمانا وأولهم إسلاما ثم قال : أنت مني بمنزلة هارون من موسى . وكذب علي من زعم أنه يحبني ويبغضك " . ولم يقل مثله سعد بن أبي وقاص كما رواه ابن ماجة في ( سننه ) وغيره . ولم يحتج به كبار الصحابة في مواطن مختلفة ، وأمير المؤمنين نفسه في احتجاجه على أهل الشورى .