أصح الكتب عندهم بعد القرآن ، واشتهر بينهم قطعية صدور أحاديثهما [1] ، مضافا إلى تصريح غير واحد من كبار محدثيهم بتواتره ، قال ابن عبد البر : " هو من أثبت الأخبار وأصحها ، رواه عن النبي سعد بن أبي وقاص - وطريق سعد فيه كثيرة جدا ، قد ذكر ابن أبي خيثمة وغيره - ورواه : ابن عباس وأبو سعيد الخدري ، وأم سلمة وأسماء بنت عميس وجابر بن عبد الله ، وجماعة يطول ذكرهم " [2] . ثم إن ظاهر قوله ( خبر واحد في مقابلة الإجماع ) هو أن الموجب لأن يكون حديث المنزلة خبرا واحدا هو الإجماع المدعى على خلافة أبي بكر ، لكن الإجماع المذكور لو سلم لا يوجب أن يكون الخبر الثابت يقينا خبرا واحدا مفيدا للظن ، وإنما يوجب رفع اليد عن ظهور الخبر المتواتر في مدلوله المنافي للإجماع . وعلى الجملة فإن المقابلة للإجماع إنما تؤثر في دلالة الخبر وإن كان متواترا ، ولا تؤثر في سند الخبر المتواتر بأن تجعله ظنيا . . ومن هنا يفهم أن السعد يرى الحديث متواترا سندا ، وأنه تام الدلالة على إمامة علي عليه السلام ، إلا أن الإجماع هو المانع من الاذعان بذلك ! لكنك قد عرفت حال الإجماع المزعوم حتى من كلام السعد نفسه . . دلالة حديث المنزلة وأما الكلام في الدلالة فالجواب عن الشبهة الأولى - وهي عمدة ما في المقام - هو أن معيار العموم جواز الاستثناء كما نص عليه الأصوليون قاطبة ، كما لا يخفى على من لاحظ مباحث العموم في ( المنهاج للبيضاوي ) وشروحه ، وفي ( مسلم الثبوت للبهاري ) وشرحه ، وغيرها من كتب الأصول ، ومن الواضح جدا أن اسم
[1] لاحظ كلام الحافظ ابن القيسراني المقدسي في كتاب الجمع بين رجال الصحيحين وكلام النووي وشارحه السيوطي في تدريب الراوي . وغيرهما . [2] الإستيعاب ، ترجمة أمير المؤمنين 3 / 1090 .