ومنها : شهادة صحابة مشهورين بولاية أمير المؤمنين عليه السلام وإمامته استنادا إلى حديث الغدير . . فإنهم دخلوا عليه فقالوا : " السلام عليك يا مولانا . قال : وكيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب ؟ قالوا : سمعنا رسول الله يقول : من كنت مولاه فهذا مولاه " [1] . ومنها : تهنئة الشيخين وسائر الصحابة أمير المؤمنين عليه السلام قائلين " أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة " [2] . ومنها : استنكار بعض الصحابة هذا الكلام [3] فلو كان بمعنى " الناصر والمحب " لما استنكر . ومنها : تمني بعض الصحابة ورود هذا الكلام في حقه [4] . إلى غير ذلك من الوجوه . . . فهل يبقى مجال بالنظر إلى كل ذلك لاحتمال - أو دعوى - إشعار مؤخر الحديث بأن المراد بالمولى هو الناصر والمحب ؟ وهل يعقل أن يكون ذلك الاهتمام الذي كان من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمجرد بيان كون علي عليه السلام محبا وناصرا لمن كان النبي محبا وناصرا له ؟ ثم أي منافاة بين هذه الجملة وجملة " من كنت مولاه " لتكون مشعرة بما يدعيه السعد ؟ بل إنها أيضا من مؤكدات الدلالة على الأولوية ، لأنه لو كان صلى الله عليه وآله وسلم قد قال : " من كانت طاعتي مفترضة عليه فطاعة علي عليه مفترضة ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " لكان كلاما صحيحا لا تهافت فيه . ومن هنا ترى أن بعض حفاظهم المحققين - كمحب الدين الطبري المتوفى
[1] مسند أحمد 5 / 419 ، الرياض النضرة 2 / 222 ، تاريخ ابن كثير 7 / 347 ، المرقاة في شرح المشكاة 5 / 574 . [2] رواه جماعة من كبار المحدثين ، منهم أبو بكر ابن أبي شيبة ، كنز العمال 13 / 134 . [3] مسند أحمد 4 / 370 ، الخصائص 100 ، ابن كثير 7 / 346 . [4] رواه ابن ماجة 1 / 45 عن سعد بن أبي وقاص .