وآله وسلم من أن يكون عالما بما سيقع بين الأصحاب وسائر الأمة من الافتراق والاختلاف أو يكون جاهلا بذلك ، فإن كان عالما ففوض الأمر إليهم مع ذلك فقد خان الله والإسلام والمسلمين - والعياذ بالله من نسبته إليه . . وإذا كان اللازم من الخيانة والجهل محالا فالملزوم وهو التفويض محال . قال ( 257 ) : ( السابع : إن النبي كان لأمته بمنزلة الأب الشفيق لأولاده الصغار وهو لا يترك الوصية في الأولاد إلى واحد يصلح لذلك ، فكذا النبي في حق الأمة . الثامن : قوله تعالى * ( اليوم أكملت لكم دينكم ) * ( 1 ) . ولا خفاء في أن الإمامة من معظمات أمر الدين ، فيكون قد بينها وأكملها . . والجواب عنهما بمثل ما سبق ) . أقول : توضيح الوجه السابع هو : إن نسبة عدم الوصية إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطيئة كبيرة لا تغفر أبدا ، فالوصية مما ندب إليه الكتاب والسنة والعقل والإجماع ، قال الله تعالى : * ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية ) * ( 2 ) وقال رسول الله : " ما حق امرئ مسلم له شئ يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده " ( 3 ) . وإذا كان هذا حكم الرجل بالنسبة إلى أولاده ، وأمواله ، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي يريد مفارقة أمته وهو بالنسبة إليهم كالأب الشفيق كذلك بل أولى . وهل هذا مجرد استبعاد ؟
( 1 ) سورة المائدة : 3 . ( 2 ) سورة البقرة : 176 . ( 3 ) راجع صحيحي البخاري ومسلم في كتاب الوصايا .