وأما الإشكال بالنقض بالإمام الغائب عن الأبصار فقال 241 . ( وأيضا : إنما يكون منفعة ولطفا واجبا إذا كان ظاهرا قاهرا زاجرا عن القبائح ، قادرا على تنفيذ الأحكام وإعلاء لواء الإسلام وهذا ليس بلازم عندكم ، فالإمام الذي ادعيتم وجوبه ليس بلطف ، والذي هو لطف ليس بواجب . وأجاب الشيعة : بأن وجود الإمام لطف سواء تصرف أو لم يتصرف . . ورد : أولا : بأنا لا نسلم أن وجوده بدون التصرف لطف . . وثانيا : لأنه ينبغي أن يظهر لأوليائه . . ) . ولا يخفى سقوط الوجهين : أما الأول فإن منشأه توهم أن الإمامة هي السلطنة الظاهرية فحسب ، لكنه عرفها بأنها رياسة في الدين والدنيا . . وكذلك عرفها غيره ، وقد عرفت أن لا خلاف هنا . . . فهي منصب إلهي كالنبوة ، فكما أن النبوة قد تجتمع مع السلطة الدنيوية والحكومة الظاهرية وقد تفترق عنها والنبوة باقية ، كذلك الإمامة ، و ( البعث ) و ( النصب ) من الله في جميع الأحوال على حاله ، و ( النبي ) و ( الإمام ) باقيان على النبوة والإمامة . وعلى الناس الانقياد لهما والتسليم لأوامرهما ونواهيهما ، ولا إلجاء من الله كما عرفت . فإن فعلوا اجتمع الرياستان وتم اللطف ، وإلا افترقتا ولم تبطل النبوة والإمامة ، بل خسرت الأمة فوائد بسط اليد ونفوذ الكلمة منهما . على أن وجود النبي أو الإمام الفاقد للسلطنة الظاهرية ينطوي على بركات وآثار يفهمها أهلها ، حتى ولو كان غائبا عن الأبصار . وأما الثاني : فإن ظهوره لأوليائه واقع ، وتلك كتبهم المؤلفة في هذا الباب من السابقين واللاحقين ، فيها حكايات وقصص يروونها عن طريق الثقات المعتمدين ، فكم من مسألة علمية أجاب عنها ، ومشكلة عامة أو خاصة حلها ، وحاجة مهمة قضاها . . لكنه في أكثر الأحيان لا يعرف ، ولا يعرف نفسه إلا لخواص أوليائه من عباد الله الصالحين ، الذين لا تخلو منهم الأرض في كل عصر وزمان . .