المتصف بما يجب من الصفات بعد علي عليه السلام ، أي منذ ثلاثين سنة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله حتى اليوم ، لكن الأمة لا تجتمع على الضلالة ، فالنصب غير واجب عليها . وقد تعرض السعد لهذا الإشكال فأجاب 239 عن لزوم اجتماع الأمة على الضلالة بأنه ( إنما يلزم الضلالة لو تركوه عن قدرة واختيار لا عجز واضطرار ) وأما عن الحديث فبأنه : ( من باب الآحاد ) و ( يحتمل الصرف إلى الخلافة على وجه الكمال ) . قلت : لكن فيه : أولا : إنه يقتضي تقييد وجوب النصب على الخلق بحال القدرة والاختيار ، والحال أن كلماتهم مطلقة ، فراجع المواقف وغيره من كتبهم . وثانيا : إنه لم يتفق في تاريخ الإسلام اجتماع الأمة على الإمام الحق فاضطروا إلى متابعة غيره ، بل إنهم غدروا الحق وخذلوه كما كان في قوم موسى وغيره من الأنبياء ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتفق عليه : " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر . . . " [1] . وثالثا : إذا اجتمعت الأمة على إمامة الإمام غير الحق فهل هذه ضلالة أو لا ؟ لازم كلامه وجوب إطاعة هذا الإمام وكونهم على حق ! ! بل صريح كلامهم في غير موضع إمامة الفاقد للشرائط بل إمامة من صار إماما بالقهر والغلبة . ففي الكتاب 257 ( ومن صار إماما بالقهر والغلبة ينعزل بأن يقهره آخر ويغلبه ) فهل يريدون من هذه الإمامة ، نفس ما هو موضوع البحث ، أعني ( الخلافة عن النبي ) ؟ وهل يجعلون هكذا شخص مصداقا لقوله تعالى : * ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) * ولقوله صلى الله عليه وآله : من مات ولم يعرف
[1] هذا الحديث بهذا اللفظ ونحوه متفق عليه بين المسلمين ، ومن رواته من أهل السنة : أحمد والبخاري والترمذي . أنظر : فيض القدير شرح الجامع الصغير 5 / 261 .