لموسى عليه السلام في افتراض الطاعة تارة أخرى . فإنكار دلالة الحديث على عموم المنزلة عمدة الشبه المتعلقة بهذا الاستدلال ، فإذا ما اندفعت لم يبق لهم شئ يصغى إليه ، ولعل القوم على علم باندفاعها فيلجأون إلى تقليد الآمدي في الطعن في سند الحديث ، مع بنائهم على عدم الطعن في شئ أخرج في الصحيحين ! ! أما العموم فالدال عليه قوله " بمنزلة هارون " فإنه اسم جنس مضاف ، وهو من ألفاظ العموم كما نص عليه الماتن نفسه في ( شرح مختصر الأصول ) وكذا غيره من أئمة علم الأصول والعربية ، كما لا يخفى على من راجع مباحث العموم والخصوص في شروح ( منهاج الأصول ) للبيضاوي ، وشروح ( تلخيص مفتاح العلوم ) للسكاكي ، وشروح ( الكافية في النحو ) لابن الحاجب . ويشهد بدلالة الحديث على عموم المنزلة استثناء النبوة ، فإن صحة الاستثناء معيار العموم كما نص عليه البيضاوي في ( منهاج الأصول ) وشراحه كغيرهم من المحققين . هذا ولا يخفى أنه لم ينكر في الكتاب ظهور الحديث في العموم ، وإنما جاء فيه : ( المراد من الحديث إن عليا خليفة منه على المدينة في غزوة تبوك ، كما أن هارون كان خليفة لموسى في قومه حال غيبته ، ولا يلزم دوامه . بل المتبادر استخلافه مدة غيبته ) فهما يقولان بأن " المراد " كذا ، وغاية ذلك دعوى أن قول موسى " أخلفني " لدى خروجه إلى الطور قرينة على إرادة خصوص مدة غيبته من العموم ، وكذلك كلام النبي صلى الله عليه وآله لأنه قاله عندما خرج إلى تبوك . . لكن يكفي في دفع هذا التوهم ثبوت ورود حديث المنزلة في مواقع متعددة - كما لا يخفى على المطلع بألفاظه وطرقه - فالحديث باق على عمومه ، نذكر منها موردا واحدا إتماما للحجة ونكتفي برواية أحمد بن حنبل : قال المتقي : مسند زيد بن أبي أوفى : لما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه فقال علي : لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت