بسنده - قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( يأتي عليك مع أمداد أهل اليمن أويس بن عامر من مراد ، ثم من قرن كان به رص ، فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة ، هو بر لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ) فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر اسمه ونسبه وصفته وجعل ذلك علامة دلالة على أن المسمى بذلك الاسم ، المتصف بتلك الصفات : لو أقسم على الله لأبره ، وأنه أهل لطلب الاستغفار منه ، وهذه منزلة عالية ، ومقام عند الله تعالى عظيم ، فلم يزل عمر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله ( ص ) وبعد وفاة أبي بكر رضي الله عنه يسأل أمداد اليمن من الموصوف بذلك ، حتى قدم وفد من اليمن ، فسألهم فأخبر بشخص متصف بذلك ، فلم يتوقف عمر رضي الله عنه في العمل بتلك العلامة والدلالة التي ذكرها رسول الله ( ص ) ، بل بادر إلى العمل بها واجتمع به وسأله الاستغفار ، وجزم أنه المشار إليه في الحديث النبوي لما علم تلك الصفات فيه مع وجود احتمال أن يتجدد في وفود اليمن مستقبلا من يكون بتلك الصفات . فإن قبيلة مراد كثيرة ، والتوالد فيها كثير ، وعين ما ذكرتموه من الاحتمال موجود ، وكذلك قضية الخوارج لما وصفهم رسول الله ( ص ) بصفات ورتب عليها حكمهم ، ثم بعد ذلك لما وجدها علي ( ع ) موجودة في أولئك في واقعة حروراء والنهروان ، جزم بأنهم هم المرادون بالحديث النبوي وقاتلهم وقتلهم ، فعمل بالدلالة عند وجود الصفة ، مع احتمال أن يكون المرادون غيرهم ، وأمثال هذه الدلالة ، والعمل بها مع قيام الاحتمال كثيرة ، فعلم أن الدلالة الراجحة لا تترك لاحتمال المرجوح . ونزيده بيانا وتقريرا فنقول : لزوم ثبوت الحكم عند وجود العلامة والدلالة لمن وجدت فيه أمر يتعين العمل فيه ، والمصير إليه ، فمن تركه وقال : بأن صاحب الصفات المراد بإثبات الحكم له ، ليس هو هذا بل شخص غيره سيأتي ،