يحلّ البتّة لأنه : إِما قطع على الله تعالى بالظن الكاذب المحرم ، وإِما شرع في الدين ما لم يأذن به الله تعالى ، وكلا الأَمرين باطل بلا شك » . [1] وهذه هي نظرية أَهل الظاهر في الاجتهاد بالرأي ، ومؤسس هذه النظرية من قبل ابن حزم هو « داود بن علي الظاهري » المتوفى سنة 270 ه ، فإنه قال : « والحكم بالقياس لا يجب ، والقول بالاستحسان لا يجوز ، ولا يجوز أَن يحرِّم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) غير ما حُرِّم ، لأنَّه يشبهه ، إِلاّ أَن يوقفنا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على علّة من أَجلها وقع التحريم ، مثل أَن يقول : حرّمت الحنطة بالحنطة ، لأنَّها مكيلة ، و : اغسل هذا الثوب ، لأنَّ فيه دماً ، أَو ، اقتل هذا ، لأنّه أَسود ، فيعلم بهذا أَنّ الذي أَوجب الحكم من أَجله هو ما وقف عليه ! وما جاوز ذلك فالتعبد فيه ظاهر ، وما جاوز ذلك فمسكوت عنه ، داخل في باب ما عفي عنه » [2] . ومن أَهم ما يحتجُّ به أَهل الظاهر في إِبطال الرأي من القرآن طائفة من الآيات ومن السنن روايات : فمن الآيات : قوله تعالى : ( مَا فَرَّطنا فِي الكتابِ مِن شيء ) . [3] و ( قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّي الفَواحِشَ مَا ظَهَر مِنها وَمَا بَطَنَ والإِثمَ والبَغيَ بغير الحَقّ وأَنْ تُشركُوا باللهِ مَا لَم يُنزِّلْ بِهِ سُلطاناً وأَن تَقولُوا عَلى اللهِ مَا لا تَعْلَمُون ) . [4] و ( مَا لَهُم بهِ مِن عِلم إِنْ يَتَّبعونَ إِلاّ الظَّنَّ وإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغني مِنَ الحَقِّ شيئاً ) . [5] أَمّا من السنّة فقوله ( صلى الله عليه وآله ) : « إِنَّ الظنَّ أَكذبُ الحديث » . . . إِلى غير ذلك من الأَدلة المبسوطة في كتب الأَصول .