شرفك ولا شرف أَفضل من شرفك . [1] وبالرغم من افتخاره بانتسابه لبني هاشم ، فقد سعى في إِيذاء الإِمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) أَحد الأَئمة من أَهل البيت . قال الذَّهبي : « حجّ الرشيد فحمل معه موسى من المدينة إِلى بغداد وحبسه إِلى أَن توفي » ! ! [2] وقال أَيضاً : و « لعل الرشيد ما حبسه إِلاَّ لقولته تلك : السلام عليك يا أَبَه ! فإنّ الخلفاء لا يحتملون مثل هذا » . [3] وانصرفت همّة الرشيد إِلى ترجمة كتب الفلاسفة من يونان وغيرهم . ولشدّته على أَهل الكلام والقائلين بخلق القرآن كان بشر بن المريسي أَحد المتكلمين متوارياً أَيامه ، فلمَّا مات الرشيد ظهر ودعا إِلى مذهب الإِعتزال . توفي الرشيد سنة 193 ه وعهد بالخلافة لابنه محمد الأَمين ، ثم لابنه عبد الله المأمون ، وقُتل الأَمين سنة 198 ه ، فتولى المأمون الخلافة من بعده ، وكان المأمون يميل إِلى مذهب الإِعتزال ، فاجتمع مع علماء المعتزلة ومنهم بشر المريسي الذي انهى فترة اختفائه وتواريه . وكان المأمون يحب العلم ولم يكن له بصيرة نافذة فيه . [4] وقال الذَّهبي « فظهر المأمون الخليفة ، وكان ذكياً متكلماً ، له نظر في المعقول ، فاستجلب كتب الأَوائل ، وعرّب حكمة اليونان ، وقام في ذلك وقعد ، وخبّ ووضع ،
[1] تاريخ الجهمية والمعتزلة للقاسمي : 65 . [2] تاريخ الإِسلام للذهبي وفيات 181 - 190 : 417 ، تاريخ بغداد 13 : 27 . [3] تاريخ الإِسلام - وفيات 181 - 190 : 418 ، وقال فيه : قال عبد الرحمن بن صالح الأَزدي : زار الرشيد قبر النّبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : السلام عليك يا رسول الله ، يا ابن عمّ ! يفتخر بذلك . فتقدّم موسى بن جعفر فقال : السلام عليك يا أَبَه ! فتغيّر وجه الرشيد وقال : هذا الفخر حقّاً يا أَبا حسن ! [4] البداية والنهاية 10 : 275 .