فالقول بخلق القرآن هو قول جهم بن صفوان السمرقندي المتوفى سنة 128 ه ، والكرابيسي من شيوخ البخاري وهو أَيضاً يقول باللفظ ، وقد أَخذ البخاري ذلك عنه حتى قال : « أَلفاظنا من أَفعالنا ، وأَفعالنا مخلوقة » . وقال الذَّهبي في ترجمة داود بن علي : « رأَس أَهل الظاهر ، فهو الذي قال : أَمّا الذي في اللوح المحفوظ فغير مخلوق ، وأَمّا الذي هو بين الناس فمخلوق » . [1] وقال الذَّهبي : « وهذه التفرقة والتفصيل ما قالها أَحد قبله فيما علمت ، وما زال المسلمون على أَنّ القرآن العظيم كلام الله ووحيه وتنزيله حتى أَظهر المأمون القول بأنّه مخلوق ، وظهرت مقالة المعتزلة ، فثبت الإِمام أَحمد بن حنبل وأَئمة السنّة على القول بأنّه غير مخلوق ، إِلى أَن ظهرت مقالة حسين بن علي الكرابيسي ، وهي : إِنَّ القرآن كلام الله غير مخلوق ، وإِنَّ أَلفاظنا به مخلوقة ، فأنكر الإِمام أحمد ذلك وعدَّه بدعة ، وقال : من قال : لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن ، فهو جهمي ، وقال : أَيضاً : من قال : لفظي بالقرآن غير مخلوق ، فهو مُبْتدع . فزجر عن الخوض في ذلك من الطرفين . وأَمّا داود فقال : القرآن مُحْدثٌ ، فقام على داود خلق من أَئمة الحديث ، وأَنكروا قوله وبَدَّعوه . وجاء من بعده طائفة من أَهل النظر ، فقالوا : كلام الله معنىً قائم بالنفس ، وهذه الكتب المنزلة دالّة عليه ، ودقَّقوا وعَمَّقوا ، فنسأل الله الهدى واتباع الحق به » . [2] عقيدته في التوحيد شهدت الفترة بين أَواخر القرن الثاني إلى القرن الثالث ظهور التيارات الفكرية من معتزلة ، وقدرية ، ومرجئة ، وأَشعرية ، وأَضحت المباحث الأُصولية في التوحيد ، والنبوّة ، والمعاد ، والإِيمان ، والقرآن ، والقضاء والقدر من أَهم المسائل الخلافية التي أصبحت ميداناً للمتكلمين والعلماء وكان بعضهم يسعى في إِرضاء الخلفاء ، ومن هنا