بيان الإِحتيال : الثمن الحقيقي الذي أَراد البائع أَن يبيع به هو عشرة آلاف درهم ، ولكنه ذكر في العقد عشرين أَلفاً ، ليقلّل رغبة الشفيع في الشراء نظراً لارتفاع الثمن ، وفي الوقت نفسه يتفق البائع مع المشتري على أَن يدفع المشتري [9999] درهماً ، فيتبقى درهم من الثمن المتفق عليه ، وعشرة آلاف درهم ، ودرهم من الثمن المذكور في العقد ، فيشتريها المشتري بدينار ، ولا يكون هناك ربا ، لأنّهم قد أَجمعوا على جواز بيع الفضة بالذهب متفاضلاً ، إِذا كان يداً بيد . وقد كان أَولى بمن أَجاز هذه الحيلة - حيث أَثبت الشفعة للجار - أَن يَرفُق بالجار ، وأَلاَّ تُثمَّن عليه صفقةٌ بأكثر من قيمتها ، وقد عُرِضَ على أَحد الصحابة في بيت له خمسمائة ، ولم يَرض الشفيع إِلاَّ بأربعمائة ، فأعطاه الشفيع ، وقال له : لولا أَنِّي سمعتُ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : « الجارُ أَحَقُّ بِصَقَبِه » ما بعتك . ثم ذكر البخاري مسألة استحقاق الدار ليبيّن أَنَّ البائع كان قاصداً للحيلة لإبطال الشفعة ، ثم عقَّب بذكر مسألة الردّ بالعيب ليبيّن أَنّه تحكُّم ، وكان مقتضاه : أَنَّه لا يَرُدُّ إِلاَّ ما قبضه ، لا زائداً عليه » . [1] الرابع والعشرون : في الأَحكام قالَ الْبُخاري : بابُ الْشَّهادَةِ عَلَى الْخَطِّ الْمَخْتُومِ ، وَما يَجُوزُ مِنْ ذلِكَ وَما يَضيقُ عَلَيْهِمْ ، وَكِتابِ الْحاكِم إِلى عُّماله وِالْقاضِي إِلى الْقاضي . وَقالَ بَعْضُ الْنّاسِ : كِتابُ الْحاكِمِ جائِزٌ إِلاّ في الْحُدُودِ . ثُمَّ قالَ : إِنْ كانَ هذا الْقَتْلُ خَطَأً فَهُو جائِزٌ ، لأنَّ هذا مالٌ بِزَعْمِهِ ، وَإِنِّما صارَ مالاً بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ ، فَالْخَطَأ وَالْعَمْدُ واحِدٌ . وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إِلى عامِلِهِ في الْحُدُودِ » . [2]
[1] فتح الباري 12 : 307 - 308 ، المبسوط 30 : 239 - 240 ، الاتجاهات الفقهية : 638 - 639 . [2] صحيح البخاري / كتاب الحيل .