فأراد البخاري أَن يردّ على قول من قال بصحة صلاة من أَحدث عمداً في أَثناء الجلوس الأَخير في الصلاة ، ويكون حدثه كسلامه ، إِذ أَنَّ هذا يعدُّ من الحِيَل لتصحيح الصلاة مع الحدث . وقال بعض : إِنّها أَجنبية عن مفهوم الحيل التي أَراد البخاري إِبطالها ، فهذا بدر العيني في « عمدة القاري » يقول : « لا مطابقة بين الحديث والترجمة أَصلاً ، فإنَّه لا يدل على شيء من الحيل . ثم صحح الصلاة التي أَحدث في قعودها الأَخير بقوله : ما للحيلة دخل في هذا . وروى عن النَّبي ( صلى الله عليه وسلم ) في قوله لابن مسعود : « إِذا قلت هذا أَو قضيت هذا ، فقد قضيت صلواتك ، إِن شئت أَن تقوم فقم ، وإِن شئت أَن تقعد فاقعد » . وهذا الحديث ينافي فرضية السلام في الصلاة » . [1] الحادي عشر : في الزكاة أَيضاً روى البخاري : « يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ شُجاعَاً . أَقْرَعَ يَفِرُّ مِنْهُ صاحِبُهُ ، فَيَطْلُبُهُ وَيَقُولُ : أَنَا كَنْزُكَ » . قالَ : « وَاللهِ لَنْ يَزالَ يَطْلُبُهُ حَتّى يَبْسُطَ يَدَهُ فَيُلْقِمَها فاهُ » . وَقالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) : « إِذاً ما رَبُّ النَّعَمِ لَمْ يُعْطِ حَقَّها تُسَلَّطُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَخْبِطُ وَجْهَهُ بِأخْفافِها » . وَقالَ بَعْضُ الْنّاسِ : في رَجُل لَهُ إِبِلٌ فَخافَ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الْصَّدَقَةُ ، فَباعَها بِإبِل مِثْلِها أَو بِغَنَم أَو بِبَقَر أَو بِدَراهِمَ ، فِرارَاً مِنَ الْصَّدَقَةِ بِيَوم احْتِيالاً ، فَلا بَأسَ عَلَيْهِ ، وَهُو يَقُولُ : إِنْ زَكَّى إِبِلَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ بِيَوم أَو بِسَنَة جازَتْ عَنْهُ » . [2]
[1] عمدة القاري 24 : 109 . [2] صحيح البخاري / كتاب الحيل .