responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإلهيات نویسنده : شيخ حسن محمد مكي العاملي    جلد : 1  صفحه : 712


وبذلك يسهل عليك فهم ما جاء في الآية التالية من التفريق بين الهداية والضلالة حيث يقول سبحانه : * ( قد جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ، قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي ، وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب ) * [1] فترى أنه سبحانه يأمر عبده بأن ينسب الضلالة إلى نفسه والهداية إلى ربه ، مع أنه سبحانه ينسبهما في آيات أخرى إلى نفسه ويقول :
* ( فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ) * [2] . وما هذا إلا لأن الهداية والضلالة بما أنهما من الأمور الواقعية في الكون تنتهي وجودا إلى الله سبحانه ، فينسبهما من حيث الوجود إلى نفسه سبحانه . وأما من حيث المناشئ والحوافز التي تنزلهما إلى العبد ، فبما أن الهداية نعمة من الله سبحانه لا يستحقها الإنسان بذاته ، بل تعمه كرامة منه تعالى ، فينسبها إلى الله تعالى من هذه الجهة ويقول : * ( وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي ) * .
وربما أن الضلالة نقمة يستحقها الإنسان لتقصيره في اتباع الرسل والاهتداء بالكتب ، صار أولى بأن تنسب إلى العبد ، ويقول : * ( قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي ) * .
وبهذا البيان يرتفع ما يتراءى من الاختلاف بين نظائر هذه الآيات .
وبكلمة واحدة ، إن الآيات من حيث المساق مختلفة ، فعندما يلاحظ الظاهرة سواء أكانت حسنة أو سيئة ، هداية أو ضلالة بما أنها من الأمور الواقعية الإمكانية لا تتحقق إلا بالانتماء إلى الواجب تعالى والصدور منه ينسبها إلى الله تعالى . وعندما يلاحظها من حيث المناشئ والدواعي التي تنزلها من عالم الغيب إلى عالم الشهادة ، فليس للحسنة والهداية منشأ إلا الله تعالى ، كما أنه ليس للسيئة والضلالة منشأ ، سوى تقصير العبد في حياته كما عليه الآيات الكثيرة . ولأجل ذلك نرى أن الحديث القدسي المنقول عن



[1] سورة سبأ : الآية 50 .
[2] سورة إبراهيم : الآية 4 .

712

نام کتاب : الإلهيات نویسنده : شيخ حسن محمد مكي العاملي    جلد : 1  صفحه : 712
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست