مورد الآية ، وكثرة الثمار وشمول الخصب كما في مورد الفراعنة ، والسيئة بقول مطلق كالهزيمة في مورد البحث ونقص الثمرات وعموم الجدب في مورد الفراعنة ، كلها من الله سبحانه ، إذ لا مؤثر في الوجود إلا هو ، ولا خالق غيره ، فما يصيب الإنسان مما يستحسنه طبعه ، أو يسوؤه كله من الله تعالى ، فهو خالق الأكوان والحوادث ، وإن سلسلة الوجود تنتهي إليه سبحانه . وبذلك يعلم أن المراد من الحسنة والسيئة نظير هذه الأمور لا الأفعال الاختيارية التي يقوم بها الإنسان في حياته فالآيات الواردة في هذا المجال منصرفة عنه ، فمقتضى التوحيد الأفعالي نسبة الكل إلى الله سبحانه . هذا هو وجه القضاء الأول . وأما الآية الثانية التي تفكك بين الحسنة والسيئة ، فتنسب الأولى إلى الله والسيئة إلى الإنسان فإنما هي ناظرة إلى مناشئهما ومبادئهما ، فلا شك أن الإنسان لا يستحق بذاته شيئا من النعم التي أنعمها الله عليه ، وأن كل النعم والحسنات تصيبه تفضلا من الله سبحانه وكرامة منه ، ولأجل ذلك قال سبحانه : * ( ما أصابك من حسنة فمن الله ) * والخطاب وإن كان للنبي ، ولكنه من قبيل الخطابات القرآنية التي يخاطب بها النبي ويقصد منها كل الناس ، قال سبحانه : * ( لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ) * [1] . ومن هنا يركز القرآن على أن مبدأ ، الحسنة هو الله سبحانه . وأما السيئة فهي وإن كانت من عند الله ولكن لو استقرأ الإنسان مناشئ الهزائم والانكسارات أو البلايا والنوازل يجد أن المجتمع الإنساني هو المنشأ لنزولها ، وأخذهم بها . قال سبحانه : * ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بم كانوا يكسبون ) * [2] . وقد تقدم في البحث عند البداء ما يفيدك في المقام .
[1] سورة الزمر : الآية 35 . [2] سورة الأعراف : الآية 96 .