العوامل المكونة للشخصية استند أصحاب هذه النظرية إلى أن الإنسان وإن كان حرا في ظاهره ولكن إذا لوحظت العوامل التي تكون شخصيته الفكرية ، لحكمنا بأنه لا مناص له إلا بالجنوح إلى ما توحي إليه نفسيته . والعوامل المكونة لشخصيته : تفكراته وتعقلاته ، وروحياته ونفسانياته ، تتلخص في النواميس التالية : 1 - الوراثة ، 2 - الثقافة ، 3 - البيئة . ففي ناموس الوراثة ، يرث الأولاد من آبائهم وأمهاتهم السجايا العليا أو الصفات الدنيئة ، فهي تنتقل عن طريق الحيوان المنوي في الأب والبويضة في الأم إلى الوليد ، ومن خيوطهما تنسج خيوط شخصيته ، وبحسبها يكون سلوكه . وأما الثقافة والتعليم ، فلهما أيضا تأثير في شخصية الإنسان ، فمن هذا الطريق تزرع في كيانه الشخصي الأفكار الخاصة من توحيد أو إلحاد ، وثورة أو خمود ، وقناعة أو حرص ، إلى غير ذلك من الروحيات التي لها اقتضاء خاص وبحسبها يميل الإنسان إلى سلوك معين . وأما البيئة والمحيط ، فالإنسان وليد بيئته في سلوكه وخلقه ، ولأجل ذلك نجد اختلاف السلوك في المجتمعات حسب اختلاف البيئات . هذه هي العوامل البناءة لشخصية الإنسان وروحياته ، وكل إنسان يحوك على نولها ويعمل بحسب اقتضائها . وعلى ضوء هذا ، فكل فعل ينتهي إلى علة موجبة لوجود الفعل ، وليست هي إلا شخصيته المتكونة من العوامل المحيطة به السائقة له نحو الفعل . حتى أن الإرادة التي تعد رمزا للاختيار ، وليدة تلك العوامل في صقع النفس ، فإذا كانت هذه العوامل خارجة عن الاختيار ، فما ينتهي إليها كذلك . يلاحظ عليه : إنه لا شك في تأثير هذه العوامل في تكوين الشخصية ،