مطلقة تعم الجميع . وإنما الاختلاف في تفسير هذا الأصل التوحيدي فالأشاعرة بما أنهم أنكروا وجود أي تأثير ظلي لغيره سبحانه قالوا بوجود علة واحدة قائمة مكان جميع العلل والأسباب ( المنتهية إلى الله سبحانه في منهج العلية ) ، فلا تأثير لأي موجود سوى الله سبحانه ، فهو الخالق والموجد لكل شئ ، وقد عرفت كلام الإمام الأشعري عند بيان معتقدات أهل السنة وإليك كلامه في ( الإبانة ) : قال في الباب الثاني : " إنه لا خالق إلا الله ، وإن أعمال العبد مخلوقة لله مقدرة كما قال : * ( والله خلقكم وما تعملون ) * [1] . وإن العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئا وهم يخلقون ، كما قال سبحانه : * ( هل من خالق غير الله ) * [2] " [3] . قال شارح المواقف : " إن أفعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة الله سبحانه وحدها وليس لقدرتهم تأثير فيها ، والله سبحانه أجرى عادته بأن يوجد في العبد قدرة واختيارا . فإذا لم يكن هناك مانع أوجد فيه فعله المقدور مقارنا لهما ، فيكون فعل العبد مخلوقا لله إبداعا وإحداثا ، ومكسوبا للعبد والمراد بكسبه إياه مقارنته لقدرته وإرادته من غير أن يكون هناك منه تأثير ومدخل في وجوده سوى كونه محلا له . وهذا مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري " [4] . أقول : يقع الكلام في مقامين : الأول : تفسير عموم قدرته تعالى لعامة الكائنات ومنها أفعال البشر وأنه لا خالق إلا هو . الثاني : تفسير حقيقة الكسب الذي تدرعت به الأشاعرة في مقابل العدلية .
[1] سورة الصافات : الآية 96 . [2] سورة فاطر : الآية 3 . [3] الإبانة : ص 20 . [4] شرح المواقف للسيد الشريف الجرجاني ، ج 8 ، ص 146 .