وما ذكرنا من الآيات نبذة من السنن الإلهية السائدة على الفرد والمجتمع . وفي وسع الباحث أن يتفحص آيات الكتاب العزيز ويقف على سنته تعالى وقوانينه ، ثم يرجع تاريخ الأمم وأحوالها فيصدق قوله سبحانه : * ( فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ) * [1] . فقد خرجنا بهذه النتائج : 1 - إن التقدير والقضاء العينيين عبارة عن الخصوصيات والتقديرات الموجودة في وجود الشئ المكتسبة من علله . والقضاء ضرورة وجوده عند وجود علته التامة ، والكل منته إلى الله سبحانه انتهاء الأسباب والمسببات إلى مسببها الأولى . وإن هذا التقدير والقضاء من شعب الخلقة فمقتضى التوحيد هو القول بأنه لا مقدر ولا قاضي إلا الله سبحانه ، لكن على التفصيل الذي سمعته منا في البحث السابق . 2 - إن الاعتقاد بهذا النوع من التقدير والقضاء لا ينتج مسألة الجبر ، كما أن الاعتقاد بالتوحيد في الخالقية لا ينتجه ، وقد مر بيانه . 3 - إن ما مضى من القضاء والقدر العينيين إذا كان راجعا إلى خصوصيات وجود الشئ وضرورة وجوده الخارجي فليسم بالجزئي منهما . وإذا كان تقديره وقضاؤه على الإنسان والمجتمع بصورة تسنين قوانين كلية واسعة لا تتخلف في حق فرد دون فرد أو مجتمع دون مجتمع ، فليسم بالتقدير والقضاء العينيين الكليين . وتصويب هذه السنن وإعطاء الاختيار إلى الإنسان المختار ، نفس القول بحريته في معترك الحياة .