يتخلف وعلى ذلك فالسنن الإلهية الواردة في الكتاب والسنة ، أو التي كشف عنها الإنسان عبر ممارساته وتجاربه ، كلها من تقديره وقضائه سبحانه . والإنسان تجاه هذه النواميس والسنن السائدة حر مختار فعلى أي واحدة منها طبق حيته يرى نتيجة عمله ، وإليك المثال : إن التقدير الإلهي على أمة يعيش أكثرها في الفقر والحرمان ، وقليل منها بالغنى والرفاه عن طريق الظلم والتجاوز على حقوق الآخرين ، هو أن لا ترى الطائفة المرفهة الراحة ولا الهناء بل لا تعيش إلا حياة القلق والاضطراب خوفا من ثورة الكادحين وحذرا من بطشة المحرومين . بينما تقديره تعالى على أمة تعيش آلام المحرومين وآمال الكادحين وتهئ لهم الحياة اللائقة بهم وتقلل من غلواء الطبقات المرفهة لصالح الفقراء ، وتأخذ منهم حقوقهم التي جعلها الله لهم * ( والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) * ، هو أن يعيشوا عيشة الثبات والاستقرار والرقي والتقدم والتحرك والبناء . وهذان التقديران واضحان محسوسان يستوي فيهما جميع أمم العالم وليس هناك عامل خارج عن إطار اختيار الأمة وإرادتها ، يجبرها على اختيار أحدهما ، فالأمة إما أن تتبع العقل والحكمة ، أو تتبع الغرور والشهوة . وكل يصل إلى النتيجة التي يترتب على عمله ، والكل بقضاء الله تعالى فإنه هو الذي أودع في الكون هذه السنن وجعل الناس أحرارا في اختيار سلوك أحد الطريقين . فإذا كان ما مر من المثال راجعا إلى السنة الإلهية في حق المجتمع فهناك سنن راجعة إلى كل فرد من أفراد المجتمع مثلا : الشاب الذي يبدأ حياته بإمكاناته الحرة وأعصابه المتماسكة ، وذكائه المعتدل ، فإما أن يصرف تلك المواهب في سبيل تحصيل العلوم والفنون والكسب والتجارة ، فمصيره وتقديره هو الحياة السعيدة الرغيدة . والشاب الذي يسئ الاستفادة من رصيده المادي والمعنوي ويصرفه