وهذا الدليل ، مع أنه لم يتم عند المفكرين من الأشاعرة ، ظاهر الضعف ، إذ لقائل أن يقول إن الجهة المشتركة للرؤية في الجوهر والعرض ليس هو الوجود بما هو وجود ، بل الوجود المقيد بعدة قيود ، وهو كونه ممكنا ماديا يقع في إطار شرائط خاصة ، كشف عنها العلم في تحقيق الرؤية ، فإن الإبصار رهن ظروف خاصة . وادعاء كون الملاك هو الوجود بما هو وجود غفلة عما يثبته الحس والتجربة . والعجب من هؤلاء كيف يدعون أن المصحح للرؤية هو الوجود مع أن لازمه صحة رؤية الأفكار والعقائد ، والروحيات والنفسانيات كالقدرة والإرادة وغير ذلك من الأمور الروحية الوجودية اللتي لا تقع في مجال الرؤية . الأدلة النقلية للقائلين بالرؤية إستدل القائلون بجواز الرؤية بآيات كثيرة ، المهم منها آيتان نذكرهما : الآية الأولى : قوله سبحانه : * ( كلا بل تحبون العاجلة * وتذرون الآخرة * وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة * ووجود يومئذ باسرة * تظن أن يفعل بها فاقرة ) * [1] . قالوا : " إن النظر إذا كان بمعنى الانتظار ، يستعمل بغير صلة ، ويقال : " انتظرت " . وإذا كان بمعنى الرؤية يستعمل ب " إلى " . والنظر في هذه الآية استعمل بلفظ " إلى " فيحمل على الرؤية " [2] . وقد شغلت هذه الآية بال الأشاعرة والمعتزلة ، فالفرقة الأولى تصر على أن النظر هنا بمعنى الرؤية والثانية تصر على أنها بمعنى الانتظار لا الرؤية قائلة بأنه يستعمل بمعنى الانتظار مع لفظه " إلى " أيضا قال الشاعر :
[1] الثالث القيامة : الآية : 20 25 . [2] شرح التجريد للقوشجي ص 334 وغيره .