الربوبية [1] . التعريف الثالث ويمكننا أن نصب إدراكنا للعبادة في قالب ثالث فنقول : العبادة هي " الخضوع ممن يرى نفسه غير مستقل في وجوده وفعله ، أمام من يكون مستقلا فيهما " . وليس الغني المستقل إلا الله سبحانه ، وقد وصف نفسه تعالى في غير موضع من كتابه بالقيوم قال عز من قائل : * ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) * [2] وقال سبحانه : * ( وعنت الوجوه للحي القيوم ) * [3] . ولا يراد منه سوى كونه قائما بنفسه ، ليس فيه أية شائبة من شوائب الفقر والحاجة إلى الغير ، بل كل ما سواه قائم به . وبعبارة أخرى : العبادة نداء الله تعالى وسؤاله ، والقيام بخضوع في محضره ، وطلب حاجات الدنيا والآخرة منه على أنه الفاعل المختار والمالك الحقيقي لأمور الدنيا والآخرة كلها ، والمتصرف فيها ، فلو نودي موجود آخر بهذا الوصف ، تماما أو بعضا ، فالنداء عبادة له وشرك فيه ، والمنادي مشرك بلا كلام . فالذي يجب التركيز عليه هو أن نعرف ما هو فعل الله سبحانه ، ونميزه عن فعل غيره وصلاحيته ، حتى لا نقع في ورطة الشرك عند طلب شئ من الأنبياء والأولياء وغيرهم من الناس ، فنقول : إن من أقسام الشرك هو أن نطلب فعل الله تعالى من غيره . ومن المعلوم أن فعل الله تعالى ليس هو مطلق الخلق والتدبير والرزق سواء أكان عن استقلال أم بإذن الله لأنه سبحانه نسبها إلى غيره في القرآن ، بل هو القيام بالفعل مستقلا من دون استعانة بغيره ، فلو خضع أحد أمام آخر بما أنه
[1] لاحظ الآيات الكريمات التالية : يونس : الآية 3 ، الحجر : الآية 99 ، مريم : الآيتان 36 و 65 ، الزخرف : الآية 64 . [2] سورة البقرة : الآية 255 ، وآل عمران : الآية 2 . [3] سورة طه : الآية 111 .