واستدل عليه الأشعري في " اللمع " و " الإبانة " بوجهين : الوجه الأول - إن كونه سبحانه عالما بعلم ، لا يخلو عن صورتين : 1 - أن يكون عالما بنفسه . 2 - أن يكون عالما بعلم يستحيل أن يكون هو نفسه . فإن كان الأول ، كانت نفسه علما ، ويستحيل أن يكون العلم عالما ، أو العالم علما . ومن المعلوم أن الله عالم . ومن قال إن علمه نفس ذاته ، لا يصح له أن يقول إنه عالم ، فإذا بطل هذا الشق ، تعين الشق الثاني ، وهو أنه يعلم بعلم يستحيل أن يكون هو نفسه [1] . وصلب البرهان يرجع إلى أن واقعية الصفة هي البينونة ، فيجب أن يكون هناك ذات وعرض ، ينتزع من اتصاف الذات بالعرض عنوان العالم والقادر . فالعالم من له العلم ، والقادر من له القدرة ، لا من ذاته نفسهما فيجب أن نفترض ذاتا غير الوصف . يلاحظ عليه بأنه لم يدل دليل على أن الصفة يجب أن تكون مغايرة للموصوف ، وإنما هو أمر سائد في الممكنات ، فإن العلم في الإنسان ليس ذاته ، بشهادة أنه قد كان ، ولم يكن عالما ، ولكن يمكن أن تبلغ الذات في الكمال والجمال مرتبة تكون نفس العلم ونفس القدرة من دون أن يكون العلم أو القدرة زائدين عليها . والقول بأن واقعية الصفة مغايرتها للموصوف ما هو إلا نتيجة ما اعتدنا عليه من ممارسة الممكنات العالمة والإنس بها ، فإن الصفة فيها عرض والموصوف معروض ، والعرض غير المعروض ولكن لا غرو في أن يكون هناك علم قائم بالذات ، وقدرة قائمة بنفسها من دون أن تكون عرضا . نعم ، تصور ذلك لمن يماس الأمور الممكنة ولا يجرد نفسه عن هذا المضيق أمر مشكل .