تعالى بنفس معانيها الحقيقية ، لوجب أن تكون الكيفية محفوظة حتى يكون الاستعمال حقيقيا ، لأن الواضع إنما وضع هذه الألفاظ على تلك المعاني التي قوامها بنفس كيفيتها . فاستعمالها في المعاني الحقيقية وإثبات معانيها على الله سبحانه بلا كيفية ، أشبه بكون حيوان أسدا حقيقة ولكن بلا ذنب ولا مخلب ولا ناب ولا ولا . . وباختصار ، قولهم إن لله يدا حقيقة لكن لا كالأيدي ، كلام يناقض ذيله صدره . فاليد الحقيقية عبارة عن العضو الذي له تلك الكيفية المعلومة ، وحذف الكيفية حذف لحقيقتها ولا يجتمعان . أضف إلى ذلك إنه ليس في النصوص من الكتاب والسنة من هذه " البلكفة " ( أي بلا كيف ) عين ولا أثر ، وإنما هو شئ اخترعته الأفكار للتدرع به في مقام رد الخصم عن تهجمه عليهم بتهمة التجسيم ولذلك يقول العلامة الزمخشري : وقد شبهوه بخلقه وتخوفوا * شنع الورى فتستروا بالبلكفة ليت شعري ، لو كفت هذه اللفظة في دفع التجسيم والتشبيه ، فليكف في مجالات أخر بأن يقال في حقه سبحانه إن له جسما لا كسائر الأجسام ، وإن له دما لا كسائر الدماء ولحما لا كسائر اللحوم . حتى إن بعض المتجرئين من المشبهة قال : " إنما استحييت ، عن إثبات الفرج واللحية ، واعفوني عنهما واسألوا عما وراء ذلك " [1] . وبذلك تبين أن عقيدة الأشعري في باب الصفات الخبرية لا تخرج ، عن إطار أحد الأمرين التاليين :