نعم ، القول بالتقارن ونفي التقدم لا يختص بالشيخ الأشعري وتلامذته ، بل وافقهم عليه بعض المعتزلة ، كالنجار ، ومحمد بن عيسى ، وابن الراوندي ، وغيرهم [1] . وقد اتفقت كلمة الجميع على أن قدرة الله تعالى متقدمة على الفعل . وذلك أيضا معلوم حسب أصولنا ، لأن القدرة في غيره سبحانه عين القوة والإمكان . وفي الواجب تعالى عين الفعلية والوجوب ، وإن وجوده بالذات ، وكل صفة من صفاته ، بالفعل ليس فيها قوة ولا إمكان ولا استعداد . وقد أسهب صدر المتألهين الكلام في هذا المقام في أسفاره ودفع بعض الإشكالات التي ترد على القول بقدم قدرته وفعليته [2] . الاستطاعة في أحاديث أئمة أهل البيت لقد تضافرت الروايات عن أئمة أهل البيت على تقدم الاستطاعة على الفعل . وإليك بعض ما روي عنهم في هذا الشأن : 1 - روى الصدوق عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : " ما كلف الله لعباده كلفة فعل ولا نهاهم عن شئ حتى جعل لهم الاستطاعة ، ثم أمرهم ونهاهم ، فلا يكون العبد آخذا ولا تاركا إلا بالاستطاعة متقدمة قبل الأمر والنهي ، وقبل الأخذ والترك ، وقبل القبض والبسط " [3] . 2 - وروى أيضا عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال : سمعته يقول وعنده قوم يتناظرون في الأفاعيل والحركات - فقال : " الاستطاعة قبل الفعل
[1] شرح المواقف ، ج 6 ، ص 92 . [2] الأسفار الأربعة ، ج 6 ، ص 312 . [3] التوحيد للصدوق ، باب الاستطاعة ، الحديث 19 ، ص 352 .