استطاعة المتزوجين أكثر من واحدة على العدل ، وفي الوقت نفسه أيضا نهى عن التعلق التام بالمحبوبة منهن والإعراض عن الأخريات رأسا حتى لا تصير كالمعلقات ، لا متزوجات ولا مطلقات . وبالتأمل في جمل الآيتين يظهر أن العدالة التي أمر بها غير العدالة التي أخبر عن عدم استطاعة المتزوج على القيام بها . فالمستطاع هو الذي يقدر عليه كل متزوج أكثر من واحدة ، وهو العدالة في الملبس والمأكل والمسكن وغيرها من حقوق الزوجة التي يقوم الزوج بها بجوارحه التي تحت اختياره ، لا بجوانحه وبواطنه التي لا سلطان له عليها . وأما غير المستطاع منها فهو المساواة في إقبال النفس والبشاشة والإنس وهو مما لا يملكه المرء ولا يحيط به اختياره ولا سلطان له عليه . إلى هنا تبين أن التكليف بما لا يطاق سواء أكان ممكنا بالذات أو غير ممكن ، مما يأباه العقل وتنكره الفطرة ، ولا يقر به العقلاء في حياتهم الاجتماعية ، كما تنكره الآيات الصريحة . وأما ما استدل به الشيخ الأشعري فلا دلالة فيه ، والحافز له على سوق هذه الآيات على ما يتبناه هو رأيه المسبق . وذلك أنه لما اختار عدم تأثير قدرة العبد في فعله وأنه بعامة أجزائه وخصوصياته لله سبحانه ، وليس للعبد دور إلا كونه ظرفا للفعل ، وكون الخلق من الله سبحانه مقارنا لإرادة العبد ، رتب على ذلك أمرين : الأول - جواز التكليف بما لا يطاق . الثاني كون الاستطاعة مقارنة للفعل . أما الأول ، فلأنه إذا لم يكن لقدرة العبد دور في نفس الفعل ، فلا