وجه الاستدلال : إنه إذا جاز تكليفهم في الآخرة بما لا يستطيعون جاز ذلك في الدنيا . يلاحظ عليه : إن الدعوة إلى السجود في ذلك الظرف ليست عن جد وإرادة حقيقية . بل الغاية من إنشاء البعث إيجاد الحسرة في المشركين التاركين للسجود حال استطاعتهم في الدنيا . والآية بصدد بيان أنهم في أوقات السلامة رفضوا الإطاعة والامتثال ، وبعدما كشف الغطاء عن أعينهم ورأوا العذاب هموا بالطاعة والسجود ولكن أنى لهم ذلك في الآخرة ، وإليك تفسير جمل الآية واحدة بعد الأخرى . أ - قوله : " يوم يكشف عن ساق " : كناية عن اشتداد الأمر تفاقمه لأن الإنسان إذا أراد عبور الماء المتلاطم يكشف عن ساقيه ثم يخوض غماره ، فاستعير لبيان شدة الأمر وإن لم يكن هناك ماء ولا ساق ولا كشف ، كما يقال للأقطع الشحيح : " يده مغلولة " ، وإن لم يكن هناك يد ولا غل . ب - قوله : * ( يدعون إلى السجود ) * : لا طلبا ولا تكليفا عن جد ، بل لزيادة الحسرة على تركهم السجود في الدنيا مع سلامتهم ، كما يقول المعلم الممتحن لتلميذه الذي يعلم أنه سيرسب في الامتحان ، أدرس وطالع واسهر الليالي ، لإيجاد الحسرة في قلبه ، مع أنه ليس هناك مجال لواحد من هذه الأمور . ج - قوله : * ( فلا يستطيعون ) * : إما لسلب السلامة عنهم إثر أعمالهم الإجرامية في الدنيا ، أو لاستقرار ملكة الاستكبار في سرائرهم * ( واليوم تبلى السرائر ) * أو لتعلق مشيئته سبحانه بانحصار العمل في الدنيا وانحصار الآخرة بالنتاج والجزاء . قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " ألا وإن اليوم المضمار ، وغدا السباق ، والسبقة الجنة ، والغاية النار ، أفلا تائب من خطيئته قبل منيته ، ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه ، ألا وإنكم في