بالإحسان ، وهو حسن بالذات ، والإهانة لهم من شؤون جزاء الاحسان بالإساءة وهو قبيح بالذات . والباحث عن أحكم تدبير المنزل يحكم بلزوم القيام بالوظائف الزوجية من الطرفين وقبح التخلف عنها ، ذلك لأن القيام بها قيام بالعمل بالميثاق ، والتخلف عنها تخلف عنه ، والأول حسن بالذات والثاني قبيح بالذات . والعالم الاجتماعي الذي يبحث عن حقوق الحاكم والحكومة على المجتمع يحكم بأنه يجب أن تكون الضرائب معادلة لدخل الأفراد ، وذلك لأن الخروج عن تلك الضابطة ظلم على الرعية وهو قبيح بالذات . وقس على ذلك كل ما يرد عليك من الأبحاث في الحكمة العملية ، سواء أكانت راجعة إلى الفرد ( الأخلاق ) ، أو إلى المجتمع الصغير ( البيت ) ، أو إلى المجتمع الكبير ( السياسة ) . فكل ما يرد فيها ويبحث عنه الباحثون ، بما أنه من شؤون العقل العملي ، يجب أن ينتهي الحكم فيه إيجابا وسلبا ، صحة وبطلانا إلى القضايا الواضحة البديهية في مجال ذلك العقل . إلى هنا انتهينا إلى أنه يجب انتهاء الأحكام غير الواضحة ابتداء في مجال العقلين ( النظري والعملي ) إلى أحكام بديهية مدركة ابتداء بلا مؤونة شئ منهما . وذلك دفعا للدور والتسلسل الذي استند إليه علماء المنطق والحكمة في القسم الأول ، أي الحكمة النظرية . والدليل واحد سار في الجميع . إذا عرفت ما ذكرنا ، يقع الكلام في أمر آخر وهو تعيين الملاك لدرك العقل صحة القضايا البديهية أو بطلانها في مجال العقلين ، فنقول : إن الملاك في مجال العقل النظري عبارة عن انطباق القضية مع التكوين وعدم انطباقها ، فالعقل ، يدرك من صميم ذاته أن اجتماع النقيضين