لمصلحة النوع فهو قبيح . وهذا أيضا خارج عن مجال البحث بين العدلية والأشاعرة ، فإن المصالح الشخصية لا تصحح توصيف الفعل بالحسن والقبح على وجه الدوام ، لما عرفت من اختلاف الأغراض والمصالح الشخصية . فرب فعل كالقتل حسن عند فرد أو جمع وقبيح عند آخرين والبحث إنما هو عن الحسن والقبح الذاتيين اللذين لا يتغير الاتصاف بهما عند قوم دون قوم ، وجيل دون جيل ، بل يكون حكما ثابتا للفعل أبدا . وأما المصالح النوعية كبقاء النظام وانهدامه فهي وإن كانت تصبغ الفعل بالحسن والقبح على وجه الثبات والدوام ، لكن لا يصح توصيف الحسن والقبح في هذا المورد بالذاتيين . لأن المراد بالذاتي كون ملاحظة نفس الفعل مع غض النظر عن غيره موجبا لإدراك العقل حسنه أو قبحه ، وليس الأمر كذلك في توصيف الفعل بالحسن أو القبح لأجل المصالح والمفاسد النوعية ، فإن لتلك الأغراض الخارجة عن حقيقة الفعل دخالة في إدراك العقل وتوصيفه . فلأجل ذلك يجب أن يكون مثل ذلك خارجا عن محل النزاع ، ولو اعترف الأشاعرة بحسن العدل وقبح الظلم من هذه الزاوية ، فلا يمكن عدهم موافقين للعدلية . 3 - كون الشئ كمالا للنفس أو نقصا لها ، كالعلم والجهل ، فالأول زين لها والثاني شين . ولكن التحسين والتقبيح بهذا المعنى لا غبار عليه وليس محلا للنقاش . إذ لا أظن أن أحدا على أديم الأرض ينكر كون العلم والشجاعة والفصاحة كمالا وحسنا ، والجهل والجبن والفهاهة نقصا وقبيحا . فهذه الملاكات الثلاثة على فرض كونها ملاكات للاتصاف بالحسن والقبح ، خارجة عن حريم البحث ، وإنما البحث بين العدلية وغيرهم في الملاك الرابع التالي : 4 - ما استحق من الأفعال مدح فاعله عد عند العقلاء حسنا ، وما استحق منها ذما عد عندهم قبيحا . وذلك بملاحظة الفعل نفسه من حيث هو