الثالث - ما لا علية له ولا اقتضاء فيه في نفسه للاتصاف بأحدهما ، وإنما يتبع الجهات الطارئة والعناوين المنطبقة عليه ، وهذا كالضرب فإنه حسن للتأديب ، وقبيح للإيذاء . هذا هو التقسيم الرائج بينهم . والغرض المطلوب في هذا البحث هو تبيين أن هناك أفعالا يدرك العقل إذا طالعها ، بقطع النظر عن كل الجهات الطارئة عليها ، أنها حسنة يجب أن يمدح فاعلها أو قبيحة يجب أن يذم . ولا نقول إن كل فعل من الأفعال داخل في هذا الإطار . وبعبارة أخرى : إن النزاع بين الفريقين دائر بين الايجاب الجزئي والسلب الكلي ، فالعدلية يقولون بالأول والأشاعرة بالثاني . في إطلاقات الحسن والقبح لا شك أن للحسن والقبح معنى واحدا ، وإنما الكلام في ملاك كون الشئ حسنا أو قبيحا . وهو يختلف باختلاف الموارد ، فقد ذكر للحسن والقبح ملاكات نوردها فيما يلي : 1 - ملاءمة الطبع ومنافرته . فالمشهد الجميل - بما أنه يلائم الطبع - يعد حسنا ، كما أن المشهد المخوف ، - بما أنه منافر للطبع - يعد قبيحا . ومثله الطعام اللذيذ والصوت الناعم ، فإنهما حسنان كما أن الدواء المر ونهيق الحمار قبيحان والحسن والقبح بهذا الملاك ليسا محل البحث والاختلاف . أضف إلى ذلك أنهما لا يمكنهما الثبات والدوام ، لاختلاف الطبائع . 2 - موافقة الغرض والمصلحة الشخصية والنوعية ومخالفتهما . فقتل إنسان لعدائه حسن ، حيث إنه موافق لأغراض القاتل الشخصية . ولكنه قبيح لأصدقاء المقتول وأهله ، لمخالفته لأغراضهم ومصالحهم الشخصية . هذا في المجال الشخصي . وأما في المجال النوعي ، فإن العدل بما أنه حافظ لنظام المجتمع ومصالح النوع فهو حسن وبما أن الظلم هادم للنظام ومخالف