قديما لكان إلها ثانيا " [1] . وثانيا - نحن نختار الشق الثاني ، ولا يلزم التسلسل . ونلتزم بأن هنا قولا سابقا على القرآن هو غير مخلوق أوجد به سبحانه مجموع القرآن وأحدثه حتى كلمة " كن " الواردة في تلك الآية ونظائرها . فتكون النتيجة حدوث القرآن وجميع الكتب السماوية وجميع كلمه وكلامه إلا قولا واحدا سابقا على الجميع . فينقطع التسلسل بالالتزام بعدم مخلوقية لفظ واحد . ثالثا - كيف يمكن أن تكون كلمة " كن " الواردة في الآية وأمثالها قديمة . مع أنها إخبار عن المستقبل فتكون حادثة . يقول سبحانه مخبرا عن المستقبل * ( إنما قولنا إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ) * . ولأجل ذلك التجأ المتأخرون من الأشاعرة إلى أن لفظ " كن " حادث والقديم هو المعنى الأزلي النفساني [2] . الدليل الثاني - قوله سبحانه : * ( إن ربكم الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ) * [3] . قال الأشعري : ف " الخلق " جميع ما خلق داخل فيه ، ولما قال " والأمر " ذكر أمرا غير جميع الخلق . فدل ما وصفناه على أن أمر الله غير مخلوق . وأما أمر الله فهو كلامه . وباختصار إنه سبحانه أبان الأمر من الخلق ، وأمر الله كلامه ، وهذا يوجب أن يكون كلام الله غير مخلوق " [4] . يلاحظ عليه إن الاستدلال مبني على أن " الأمر " في الآية بمعنى كلام الله وهو غير ثابت بل القرينة تدل على أن المراد منه غيره ، كيف وقد قال
[1] نهج البلاغة ، الخطبة 186 . [2] دلائل الصدق حاكيا عن الفضل بن روزبهان الأشعري ، ج 1 ، ص 153 . [3] سورة الأعراف : الآية 54 . [4] الإبانة ، ص 51 - 52 .