والقرآن ينقل أخبار الكثير من المضللين حيث يعضون أناملهم من الندم يوم القيامة بقوله : * ( يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا * وقالوا : ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب ، والعنهم لعنا كبيرا ) * [1] . ب - تعتبر المعرفة ، إذا كانت نابعة من أدوات المعرفة الحسية والقلبية أو العقلية ، يقول سبحانه : * ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ) * [2] . فالسمع والأبصار رمز الأدوات الحسية ، والأفئدة كناية عن العقل والإدراكات الصحيحة الفكرية ، والإدراكات الخارجة عن إطار تلك الأدوات غير قابلة للاستناد . وإنما اعتمد من بين أدوات المعرفة على هذين ( الحس والعقل ) لأنهما أكثر صوابا وأعظم نتيجة وأما غيرهما من الأدوات التي يعتمد عليها مرضى القلوب فهي غير قابلة للاستناد ، ولهذين الأمرين من أدوات المعرفة شعوب وفروع قد بينت في علم " نظرية المعرفة " . نعم هناك سؤال يطرح نفسه وهو إنه إذا كان اقتفاء الآباء والأجداد وتقليدهم أمرا مذموما فلماذا جوزه الإسلام في باب معرفة الأحكام الفرعية العملية ؟ إذ يصح لكل مسلم أن يأخذ مذهبه في الفروع والأحكام من إمام الفقه وعالمه ، أوليس ذلك تقليد لهم كتقليد الكفار لآبائهم ؟ . والإجابة على هذا السؤال واضحة ، إذا أخذ الأحكام عن المجتهد البارع المتخصص في فنه ، ليس من قبيل التقليد المذموم وهو الرجوع إلى الغير ، وتقليده بلا دليل ، لأن رجوع الجاهل إلى العالم واقتفائه أثره رجوع
[1] سورة الأحزاب : الآيات 66 - 68 . [2] سورة النحل : الآية 78 .