يقول الحق وهو يهدي السبيل ) * [1] . فقوله : " الحق " عام ، كما أن هدايته السبيل عامة مثله لكل الناس . وقال سبحانه : * ( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ) * [2] ، إلى غير ذلك من الآيات الناصة على عموم هدايته التشريعية [3] . الثالث - إن العصاة والكفار مكلفون بما كلف به أهل الطاعة والإيمان بنص القرآن الكريم ، والتكليف عليهم لا يكون ناشئا من إرادة الله سبحانه وإلا لزم تفكيك إرادته عن مراده ، ولا بد أن يكون هناك منشأ آخر للتكليف وهو الذي نسميه بالكلام النفسي تارة ، والطلب أخرى ، فيستنتج من ذلك أنه يوجد في الانشاء شئ غير الإرادة . وقد أجابت عنه المعتزلة بأن إرادته سبحانه لو تعلقت بفعل نفسه فلا تنفك عن المراد ، وأما إذا تعلقت بفعل الغير ، فبما أنها تعلقت بالفعل الصادر من العبد عن حرية واختيار فلا محالة يكون الفعل مسبوقا باختيار العبد ، فإن أراد واختار العبد يتحقق الفعل ، وإن لم يرد فلا يتحقق . وبعبارة أخرى : لم تتعلق مشيئته سبحانه على صدور الفعل من العبد على كل تقدير ، أي سواء أراده لم يرده ، وإنما تعلقت على صدوره منه بشرط سبق الإرادة ، فإن سبقت يتحقق الفعل وإلا فلا . والأولى أن يقال : إن إرادته سبحانه لا تتخلف عن مراده مطلقا من غير فرق بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية . أما الأولى ، فلأنه لو تعلقت إرادته التكوينية على إيجاد الشئ مباشرة أو عن طريق الأسباب فيتحقق لا محالة ، قال سبحانه : * ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن
[1] سورة الأحزاب : الآية 4 [2] سورة النساء : الآية 26 . [3] سيوافيك البحث مفصلا في عموم هدايته سبحانه في ختام الفصل السادس من الكتاب .