الاعتقاد بكون الشعور والقدرة دخيلين في إنشاء العالم وإخراجه إلى حيز الوجود . وإن شئت أفرغ هذا البيان بقالب منطقي وقل : لكل مكتشف قبل الانشغال بالكشف ، إذعان بوجود النظم والسنن في هذا العالم ، وهو يريد كشفها ، هذا من جانب . ومن جانب آخر ، إن المادي يرى العامل الوحيد لظهور السنن هو الصدفة ، ولكنها ليست عاملا مورثا للإذعان بل أقصى ما تورثه هو الاحتمال . مع أن المستكشف يحمل العلم بالسنن لا أنه يحتمل أن يكون هناك سنة ونظام . فيجب أن يفسر ذاك الاذعان بعامل ثان وليس هو إلا قيام العالم ، حدوثا وبقاء ، بعلم وقدرة أزليين . ب - الدين دعامة الأخلاق قد تعرفت على دور الدين في إثارة روح التحقيق في الإنسان ، لكن له دورا آخر في تركيز الأخلاق وتحكيم أصولها في المجتمع ، وإليك بيانه : لا شك إن إقامة الأخلاق والتمسك بالقيم الأخلاقية ، لا يفنك عن الحرمان في بعض الأحايين وترك اللذائذ النفسانية في ظروف أخر ، وعندئذ يجب أن نبحث عن عامل النجاح في هذا المعترك . فمن جانب : إن الإنسان مقهور للميول النفسانية والغرائز المتعدية التي لا تعرف لنفسها حدا وهي تريد أن تفجر أمامها ، وتنال كل لذيذ وملائم ، وافق القيم أم خالفها ، وهذا شئ يحسه كل إنسان في كثير من فترات حياته .