بتغير المعلوم وإلا لانتفت المطابقة . وحيث إن الجزئيات الزمانية متغيرة ، فلو كانت معلومة لله تعالى لزم تغير علمه ، وهو محال . وأوضحها العلامة ابن ميثم البحراني بقوله : " ومنهم من أنكر كونه عالما بالجزئيات على الوجه الجزئي المتغير ، وإنما يعلمها من حيث هي ماهيات معقولة . وحجتهم أنه لو علم كون زيد جالسا في هذه الدار ، فبعد خروجه منها ، إن بقي علمه الأول ، كان جهلا ، وإن زال لزم التغير " [1] . تحليل الشبهة إن الشبهة واهية جدا ، والجواب عنها : أولا : بالنقض بالقدرة ، وذلك أنه لو استلزم تعلق العلم بالجزئيات تغيره عند تغير المعلوم ، فإنه يلزم أيضا تغير قدرته بتعلقها بالجزئيات ، والقدرة من صفات الذات ، فما هو الجواب في جانب القدرة والجواب في جانب العلم ؟ . وثانيا : بالحل . إن علمنا بالحوادث الموجودة في أزمنة مختلفة علم زماني وأما علمه تعالى فليس بزماني أصلا . فلا يكون ثمة حال وماض ومستقبل . فإن هذه صفات عارضة للزمان بالقياس إلى الموجود الزماني الذي يعيش فيه ، ويسمى ما يزاوله من الزمان حالا ، وما مضى بالنسبة إليه ماضيا ، وما سيوافيه ، مستقبلا . وأما الموجود الخارج عن إطار الزمان والمحيط به وبكل مكان فلا يتصور في حقه ماض وحاضر ومستقبل . فالله سبحانه عالم بجميع الحوادث الجزئية دفعة واحدة لا من حيث أن بعضها واقع في الحاضر وبعضها في الماضي وبعضها في المستقبل . بل يعلمها علما شاملا متعاليا عن الدخول تحت الأزمنة .