وها نحن نشير إلى هذه الطرق : الأول - الطريق العقلي إذا ثبت كونه سبحانه غنيا غير محتاج إلى شئ ، فإن هذا الأمر يمكن أن يكون مبدأ لإثبات كثير من الصفحات الجلالية ، فإن كل وصف استلزم خللا في غناه ونقضا له ، انتفى عنه ولزم سلبه عن ذاته . وقد سلك الفيلسوف الإسلامي نصير الدين الطوسي هذا السبيل للبرهنة على جملة من الصفات الجلالية حيث قال : " ووجوب الوجود يدل على سرمديته ، ونفي الزائد ، والشريك ، والمثل ، والتركيب بمعانيه ، والضد ، والتحيز ، والحلول ، والاتحاد ، والجهة ، وحلول الحوادث فيه ، والحاجة ، والألم مطلقا واللذة المزاجية ، والمعاني والأحوال والصفات الزائدة والرؤية " . بل انطلق المحقق من نفس هذه القاعدة لإثبات سلسلة من الصفات الثبوتية حيث قال : " ووجوب الوجود يدل على ثبوت الوجود ، والملك ، والتمام ، والحقية ، والخيرية ، والحكمة ، والتجبر ، والقهر ، والقيومية " [1] . وقد سبقه إلى ذلك مؤلف الياقوت إذ قال : " وهو ( وجوب الوجود ) ينفي جملة من الصفات عن الذات الإلهية وأنه ليس بجسم ، ولا جوهر ، ولا عرض ، ولا حالا في شئ ، ولا تقوم الحوادث به وإلا لكان حادثا " [2] . وعلى ذلك يمكن الاذعان بما في العالم الربوبي من الكمال والجمال
[1] تجريد الاعتقاد ، باب إثبات الصانع وصفاته ، ص 178 - 185 . [2] أنوار الملكوت في شرح الياقوت ، ص 76 ، و 80 و 81 و 99 .