الجهة الثالثة - في تحليل السعادة والشقاء من حيث الذاتية والاكتسابية الذاتي قدي طلق ويراد منه ذاتي باب ( الإيساغوجي " [1] . وأخرى يراد منه ذاتي باب " البرهان " . أما الأول فالمراد منه ما لا يكون خارجا عن ذات الشئ ويقابله العرض ، فالجنس والفعل والنوع ذاتيات بهذا المعنى والعرض الخاص والعام عرضيان بالنسبة إليها ، وذلك واضح لا يحتاج إلى البيان ، فالحيوانية والناطقية والإنسانية تعد ذاتيات بالنسبة إلى كل فرد من أفراد الإنسان ، والتعجب والمشي عرضيان بالنسبة إليه . وأما الثاني ، أعني ذاتي باب البرهان ، فالمراد منه ما لا يكون جنسا ولا فصلا ولا نوعا ، ولكنه ينتزع من نفس ذات الشئ وفرض حصوله في ظرف من الظروف من دون حاجة إلى ضم ضميمة خارجية إليه ، بل يكفي وضع الموضوع في وضع المحمول . وهذا كالإمكان بالنسبة إلى ماهية الإنسان ، والزوجية بالنسبة إلى الأربعة . ففرض الإنسان في أي ظرف من الظروف ، ذهنا كان أو خارجا ، يصحح انتزاع الإمكان منه وحمله عليه ، كما أن فرض الأربعة بالنسبة إلى الزوجية كذلك فالإمكان والزوجية ليسا جنسين ولا فصلين ولا نوعين بالنسبة إليهما ، ولكن يكفي فرض الموضوع في فرض المحمول من دون حاجة إلى انضمام شئ وحيثية إلى جانب الإنسان أو الأربعة . فيطلق على كل واحد تارة " ذاتي باب البرهان " وأخرى " المحمول بالصميمة " . ويقابله ما لا يكون كذلك ، أي يحتاج في توصيف الشئ به وحمله عليه إلا انضمام شئ إلى الموصوف حتى يصح في ضوئه حمله عليه ، وذلك كحمل الأبيض على الجسم فإن توصيفه به يتوقف على انضمام عرض كالبياض إليه وإلا ففرض الجسم في ظرف من الظروف لا يصحح الحمل كما لا يصحح اتصاف الجسم به . ومثله حمل الوجود على الماهية واتصافها
[1] الإيساغوجي في مصطلح المنطقيين اليونانيين يعادل " الكليات الخمس " في مصطلح منطق الإسلاميين .