أعماق نفسه - وجدانا لا يشك فيه - أن هناك موجودا عالما بمشاكله قادرا على دفعها عنه . ولا ينافي فطريته الغفلة عنه بعد ارتفاع الشدائد وزوال المحن ، إذ ليس كل أمر فطري متجل في جميع الظروف . فإن لظهور الغرائز شرائط وأجواء خاصة حتى غريزتي الشهوة والغضب . وباختصار إن الفطرة كما تدعو إلى وجوده سبحانه ، تدعو إلى صفاته من العلم والقدرة . يقول سبحانه : * ( أرأيتم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين * بل إياه تدعون ، فيكشف ما يدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون ) * [1] . الثاني - النظام - الكوني النظام الكوني بما فيه من دقيق وجليل ، وما فيه من جمال وبهاء ، ودقة وروعة ، وإتقان وإحكام ، يحكي عن قدرة مبدع الأشياء وتمكنه من خلق أدقها وأروعها . وقد خدمت العلوم الطبيعية كثيرا في هذا المجال . وأثبتت قدرة الصانع . وكلما تكاملت هذه العلوم وازداد وقوف الإنسان على سنن الكون وقوانينه وبدائعه وروائعه ، تجلت هذه الصفة بنحو أحسن وأجلى . وبذلك يتضح أن فعل الفاعل ، كما يكشف عن وجود الفاعل ، يكشف عن صفته . فالديوان الشعري الرائع كما يدل على وجود منشئ له ، كذلك يدل على مقدرته الفنية وذوقه المتفوق وقدرته على التحليق في آفاق