لفلول الحد [1] ، وخور القناة [2] ، وخطل الرأي [3] ، " بئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون " [4] لا جرم لقد قلدتهم ربقتها ، وشننت عليهم غارها [5] ، فجدعا وعقرا وسحقا للقوم الظالمين [6] . ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة [7] ، وقواعد النبوة ، ومهبط الوحي الأمين ، والطبين بأمر الدنيا والدين [8] ، ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما نقموا من أبي الحسن [9] ، نقموا والله منه نكير سيفه [10] ، وشدة وطئه [11] ، ونكال وقعته [12] ، وتنمره في ذات الله عز وجل [13] .
[1] قبحا ، بالضم : مصدر حذف فعله ، أما من قولهم : قبحه الله قبحا ، أو من قبح بالضم قباحة ، فحرف الجر على الأول داخل على المفعول ، وعلى الثاني على الفاعل . والفلول بالضم : جمع فل بالفتح ، وهو الثملة والكسر في حد السيف ، وحكى الخليل في " العين " أنه يكون مصدرا ، ولعله أنسب بالمقام ، وحد الشئ : شباته ، وحد الرجل بأسه . [2] الخور بالفتح وبالتحريك : الضعف . والقناة : الرمح . [3] الخطل بالتحريك : المنطق الفاسد المضطرب ، وخطل الرأي : فساده واضطرابه . [4] المائدة : 80 . [5] الشن : رش الماء رشا متفرقا والسن بالمهملة : الصب المتصل ، ومنه قولهم : شنت عليهم الغارة إذا فرقت عليهم من كل وجه . [6] الجدع قطع الأنف أو الأذن أو الشفة ، وهو بالأنف أخص ، ويكون بمعنى الحبس . والعقر بالفتح : الجرح ، ويقال في الدعاء على الإنسان : عقرا له وحلقا ، أي عقر الله جسده وأصابه بوجع في حلقه ، وأصابه بوجع في حلقه ، وأصل العقر : ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف ثم اتسع فيه فاستعمل في القتل والهلاك ، وهذه المصادر يجب حذف الفعل منها . والسحق بالضم : البعد . [7] ويح كلمة تستعمل في الترحم والتوجع والتعجب ، والزحزحة : التنحية والتبعيد . والزعزعة : بالتحريك . والرواسي من الجبال : الثوابت الرواسخ . وقواعد البيت : أساسه . [8] الطبين ، هو بالطاء المهملة والباء الموحدة : الفطن الحاذق . [9] في كشف الغمة : " وما الذي نقموا من أبي الحسن " . يقال : نقمت على الرجل كضربت ، وقال الكسائي : كعلمت لغة ، أي عتبت عليه وكرهت شيئا منه . [10] التنكير : الإنكار ، والتنكير : التغير عن حال يسرك إلى حال تكرهها ، والاسم : النكير ، وما هنا يحتمل المعنين ، والأول أظهر أي إنكار سيفه فإنه عليه السلام كان لا يسل سيفه إلا لتغيير المنكرات . [11] الوطأة : الأخذة الشديدة والضغطة ، وأصل الوطئ : الدوس بالقدم ويطلق على الغزو والقتل لأن من يطأ الشئ فقد استقصى في هلاكه وإهانته . [12] النكال : العقوبة التي تنكل الناس . والوقعة : صدمة الحرب . [13] تنمر فلان : أي تغير وتنكر وأوعد ، لأن النمر لا تلقاه أبدا إلا متنكرا غضبان . " في ذات الله " ، قال الطيبي : ذات الشئ : نفسه وحقيقته ، والمراد ما أضيف إليه ، وقال الطبرسي في قوله تعالى : " وأصلحوا ذات بينكم " : كناية عن المنازعة والخصومة ، والذات : هي الخلقة والبينة ، يقال : فلان في ذاته صالح : أي في خلقته وبينته ، يعني اصلحوا نفس كل شئ بينكم ، أو اصلحوا حال كل نفس بينكم ، وقيل : معناه : وأصلحوا حقيقة وصلكم ، وكذلك معنى اللهم أصلح ذات البين : أي أصلح الحال التي بها يجتمع المسلمون . انتهى . أقول : فالمراد بقولها : في ذات الله ، أي في الله ولله ، بناء على أن المراد بالذات الحقيقة ، أو في الأمور والأحوال التي تتعلق بالله من دينه وشرعه وغير ذلك كقوله تعالى : " إنه عليم بذات الصدور " أي المضمرات التي في الصدور .