بأن فاطمة ( عليها السلام ) مع علمها بأن ليس لها في التركة بأمر الله نصيب ، كانت تقدم على مثل ذلك الصنيع ، أو كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مع علمه بحكم الله ، لم يزجرها عن التظلم والاستعداء ، ولم بالقعود في بيتها ، راضية بأمر الله فيها ، وكان ينازع العباس ، بعد موتها ويتحاكم إلى عمر ابن الخطاب ، فليت شعري هل كان ذلك الترك والإهمال لعدم الاعتناء بشأن بضعته التي كانت تؤذيه ما آذاها ، ويريبه ما رابها ، أو بأمر زوجها وابن عمه وأخيه المساوي لنفسه ومواسيه بنفسه ، أو لقلة المبالاة بتبليغ أحكام الله وأمر أمته ، وقد أرسله الله بالحق بشيرا ونذيرا للعالمين . السادس : أنا مع قطع النظر عن جميع ما تقدم ، نحكم قطعا بأن مدلول هذا الخبر كاذب باطل ومن أسند إليه هذا الخبر ، لا يجوز عليه الكذب ، فلا بد من القول بكذب من رواه ، والقطع بأنه وضعه وافتراه ، وأما المقدمة الثانية فغنية عن البيان . وأما الأولى : فبيانها أنه قد جرت عادة الناس قديما وحديثا بالإخبار عن كل ما جرى ، بخلاف المعهود بين كافة الناس ، وخرج عن سنن عاداتهم ، سيما إذا وقع في كل عصر وزمان ، وتوفرت الدواعي ، إلى نقله وروايته ، ومن المعلوم لكل أحد ، أن جميع الأمم على اختلافهم في مذاهبهم يهتمون بضبط أحوال الأنبياء وسيرتهم ، وأحوال أولادهم ، وما يجري عليهم بعد آبائهم ، وضبط خصائصهم ، وما يتفردون به عن غيرهم ، ومن المعلوم أيضا أن العادة قد جرت من يوم خلق الله الدنيا وأهلها ، إلى زمان انقضاء مدتها وفنائها ، بأن يرث الأقربون من الأولاد ، وغيرهم أقاربهم وذوي أرحامهم ، وينتفعون بأموالهم وما خلفوه بعد موتهم ، ولا شك لأحد في أن عامة الناس ، عالمهم وجاهلهم ، وغنيهم وفقيرهم وملوكهم ، ورعاياهم يرغبون إلى كل ما نسب إلى ذي شرف وفضيلة ، ويتبركون به ويحرزه الملوك في خزائنهم ، ويوصون به لأحب أهلهم ، فكيف بسلاح الأنبياء في ثيابهم وأمتعتهم ، ألا ترى إلى الأعمى إذ أبصر في مشهد من المشاهد المشرفة ، أو توهمت العامة أنه أبصر اقتطعوا ثيابه وتبركوا بها وجعلوها حرزا من كل بلاء ، إذا تمهدت المقدمات فنقول : لو كان ما تركه الأنبياء من لدن آدم ( عليه السلام ) إلى الخاتم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صدقة ، لقسمت بين الناس ، بخلاف المعهود من توارث الآباء والأولاد وسائر الأقارب ، ولا يخلو الحال : إما أن