الآنفة الذكر ، فلا محالة أن تكون قد حدثت من قبل الملائكة كما دل القرآن على إمكان وقوع ذلك كما حدث مع أم موسى وكيفية إيحاء الله تعالى لها . وثمة شواهد أخرى تدل على أنها كانت محدثة من قبل الملائكة ، وهذا ما نجده في المأثور الروائي الذي نقل إلينا عبر الرواة والمحدثون . فعن إسحاق بن جعفر بن محمد بن عيسى بن زيد بن علي قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إنما سميت فاطمة محدثة لأن الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران فتقول : يا فاطمة ، إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين . يا فاطمة ، اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين [1] . فتحدثهم ويحدثونها ، فقالت لهم ذات ليلة : أليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران ؟ فقالوا : إن مريم كانت سيدة نساء عالمها ، وإن الله جعلك سيدة نساء عالمك وعالمها وسيدة نساء الأولين والآخرين [2] . وعن عبد الله بن الحسن المؤدب ، عن أحمد بن علي الأصفهاني ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن إسماعيل بن بشار قال : حدثنا علي بن جعفر الحضرمي بمصر منذ ثلاثين سنة قال : حدثنا سليمان قال : محمد بن أبي بكر لما قرأ : * ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) * [3] ولا محدث ، قلت : وهل يحدث الملائكة إلا الأنبياء ؟ قال : إن مريم لم تكن نبية وكانت محدثة ، وأم موسى بن عمران كانت محدثة ولم تكن نبية ، وسارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشروها بإسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب ، ولم تكن نبية ، وفاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كانت محدثة ولم تكن نبية [4] . وجاء في الكتاب القيم ( الغدير الذي يعتبر من أهم الكتب التي ألفت في حق ولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) ) حول مسألة الأناس المحدثون حيث قال : " أصفقت الأمة الإسلامية على أن في هذه الأمة كما لدى الأمم السابقة أناس محدثون - على صيغة المفعول - .
[1] إشارة إلى الآية 42 ، 43 من سورة آل عمران . [2] البحار : 43 / 78 . [3] الحج : 52 . [4] البحار : 43 / 79 .