الأخبار الماضية ، لم يكن للعلامة وتمييز المسماة به عن غيرها فحسب ، كما في أسامي سائر الناس التي لم تراع المناسبة غالبا بينها وبين الأعيان والذوات ، بل في هذا الجعل وهذه التسمية الإلهية حكمة وسر وتناسب عميق بين الاسم والمسماة به . وإن مادة " فطم " على أي وجه فرضت فيها فاعلا أو مفعولا ، كانت بمعنى القطع والفصل على نحو الإطلاق ، ولا يختص بأحد الوجوه السابقة من الشر والطمث والجهل والخطأ وسوء الخلق والحمرة والحيض وما أشبه ذلك ، لأنها ( سلام الله عليها ) متصفة بجميع المكارم ، منفطمة عن جميع العيوب والنقائص ، فتناسب الاسم لها - فاعلا - لكونها ( سلام الله عليها ) فطمت نفسها وذريتها وشيعتها من النار وما يوجب الشنار والعار ، وتناسبه لها - مفعولا - لأنها ( سلام الله عليها ) مفطومة عن معرفتها الناس فهو وصف المتعلق . فمن الذي يبلغ معرفتها ؟ ! هيهات ! ضلت العقول ، وتاهت الحلوم ، وحارت الألباب ، وخسئت العيون ، وتصاغرت العلماء ، وحصرت الخطباء ، وتحيرت الحكماء ، وتقاصرت الحلماء ، وجهلت الألباء ، وكلت الشعراء ، وعجزت الأدباء ، وعييت البلغاء عن وصف شأن من شأنها ، ودرك درجة من سمو رفعتها . هي قطب دائرة الوجود ونقطة * لما تنزلت أكثرت كثراتها هي أحمد الثاني وأحمد عصرها * هي عنصر التوحيد في عرصاتها ومن عرف فاطمة ( عليها السلام ) حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر [1] . والتشابه من وجوه : الأول : إن ليلة القدر مجهولة للناس من حيث القدر والمنزلة والعظمة ، والناس فطموا وقطعوا عن معرفتها ، وكذلك البضعة الأحمدية والجزء المحمدية ( عليها السلام ) مجهولة قدرها ، محفية قبرها . والثاني : كما أن ليلة القدر يفرق فيها كل أمر حكيم ، كذلك بفاطمة يفرق بين الحق والباطل ، والمؤمن والكفار . والثالث : كما صارت ليلة القدر ظرفا لنزول الآيات والسور ، فهي ( سلام الله عليها )