فلقد روي عن فضالة بن أيوب ، عن السكوني قال : دخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) وأنا مغموم مكروب ، فقال لي : يا سكوني ما غمك ؟ فقلت : ولدت لي ابنة ، فقال : يا سكوني على الأرض ثقلها ، وعلى الله رزقها ، تعيش في غير أجلك وتأكل من غير رزقك ، فسري والله عني ، فقال : ما سميتها ؟ قلت : فاطمة . قال : آه آه آه ثم وضع يده على جبهته - إلى أن قال - ثم قال : أما إذا سميتها فاطمة فلا تسبها ولا تلعنها ولا تضربها [1] . وعن بشار المكاري قال : دخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) بالكوفة وقد قدم له طبق طبرزد [2] وهو يأكل ، فقال : يا بشار أدن فكل . فقلت : هناك الله وجعلني فداك ، قد أخذتني الغيرة من شئ رأيته في طريق ! أوجع قلبي وبلغ مني ، فقال لي : بحقي لما دنوت فأكلت . قال : فدنوت فأكلت ، فقال لي : حديثك ، قلت : رأيت جلوازا [3] يضرب رأس امرأة ويسوقها إلى الحبس وهي تنادي بأعلى صوتها : " المستغاث بالله ورسوله " ولا يغيثها أحد . قال : ولم فعل بها ذلك ؟ قال : سمعت الناس يقولون إنها عثرت فقالت : " لعن الله ظالميك يا فاطمة " فارتكب منها ما ارتكب . قال : فقطع الأكل ولم يزل يبكي حتى ابتل منديله ولحيته وصدره بالدموع . ثم قال : يا بشار ، قم بنا إلى مسجد السهلة فندعوا الله عز وجل ونسأله خلاص هذه المرأة . قال : ووجه بعض الشيعة إلى باب السلطان وتقدم إليه بأن لا يبرح إلى أن يأتيه رسوله ، فإن حدث بالمرأة حدث صار إلينا حيث كنا . قال : فصرنا إلى مسجد السهلة ، وصلى كل واحد منا ركعتين ، ثم رفع الصادق ( عليه السلام ) يده إلى السماء وقال : أنت الله - إلى آخر الدعاء - قال : فخر ساجدا لا أسمع منه إلا النفس ثم رفع رأسه فقال : قم فقد أطلقت المرأة . قال : فخرجنا جميعا ، فبينما نحن في بعض الطريق إذ لحق بنا الرجل الذي وجهناه
[1] وسائل الشيعة : 15 / 100 باب 87 . [2] نوع من التمر سمي به لشدة حلاوته تشبيها بالسكر الطبرزد . [3] الجلواز الشرطي الذي يخف في المجئ والذهاب بين يدي الأمير .