مستوى الأصول والفروع والأخلاق ، وإنما يفضل الناس بعضهم على البعض في المقياس الإلهي بالمعرفة ولوازمها كالإيمان والتقوى والعلم النافع والعمل الصالح ، كما جاء في الحديث الشريف : " أفضلكم إيمانا أفضلكم معرفة " [1] . فلا يمكن من حط قيمة المعرفة والاستهانة بها مطلقا ، بل جاء عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " لا يقبل الله عملا إلا بمعرفة ، ولا معرفة إلا بعمل ، فمن عرف دلته المعرفة على العمل ، ومن لم يعمل فلا معرفة له " [2] . فأصل كل شئ وأساسه هو المعرفة ، حتى قال أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) لكميل ابن زياد : " يا كميل ، ما من حركة إلا وأنت محتاج فيها إلى معرفة " [3] . ولا تكون المعرفة تامة إلا بإدراك القضايا وفهمها ، دركا صحيحا وفهما كاملا ، بدراسات حقة ميدانية وتحقيقية ، والتي يبتني صرحها الشامخ على ضوء البراهين الساطعة والاستدلالات العقلية اللامعة ، والحجج العملية الواضحة . فالمعرفة يعني الدراية الكاملة والفهم العميق والدرك الصحيح ، وقيمة الإنسان بمعرفته . يقول الإمام الباقر لولده الصادق ( عليهما السلام ) : " يا بني ، اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم ، فإن المعرفة هي الدراية للرواية " . فالرواية نقل الحديث الشريف عن المعصومين ( عليهم السلام ) ، والدراية تفقه الحديث وفهمه : " وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان " . و " حديث تدريه خير من ألف حديث ترويه " . و " قيمة كل امرئ وقدره معرفته " . فالواجب علينا أن نفهم القرآن والروايات بتفهم وعمق ، وتدبر وتفكر ، وإلا فهمة السفهاء الرواية ، وهمة العلماء الدراية . فلا بد لكل ذي لب أن يعرف الأشياء على ما هي عليها بحسب الطاقة البشرية ،
[1] البحار 3 : 14 . [2] الكافي 1 : 44 . [3] ميزان الحكمة : الحديث رقم 7421 .