صلة الثالث : أن الكلام في الأفضلية لا في المحبة ، ولا يلزم من أكثرية المحبة تحقق الأفضلية ، إذ محبة الأولاد وبعض الأقارب أمر جبلي مع العلم القطعي بأن غيرهم قد يوجد أفضل منهم [1] . هذا ، مع تنصيص عائشة على أفضلية فاطمة الزهراء عليها السلام في ما أخرجه الطبراني بترجمة إبراهيم بن هاشم من المعجم الأوسط عن عائشة ، قالت : ما رأيت قط أحدا أفضل من فاطمة غير أبيها . قال ابن حجر في الإصابة [2] : صحيح على شرط الشيخين . انتهى . وهو كاف في تفضيل فاطمة الزهراء عليها السلام على عائشة ، فبطل قول النعساني : إن عائشة أفضل النساء ، ومع ذلك فقد ثبت تفضيلها عليها الصلاة والسلام بالكتاب العزيز ونصوص السنة المطهرة وأقوال العلماء . فمن آيات الكتاب الدالة على تفضيلها بلا ارتياب قوله عز اسمه في آية المباهلة : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) . وقد أجمع أهل القبلة على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يدع للمباهلة من النساء سوى البضعة الزهراء ، وأمهات المؤمنين رضي الله عنهن كن حينئذ في حجراته صلى الله عليه وآله وسلم ، فلم يدع واحدة منهن - ولا عائشة - وهن بمرأى منه ومسمع . وأنت تعلم أن مباهلته صلى الله عليه وآله وسلم بعلي وفاطمة والحسنين عليهم السلام ،
[1] مرقاة المفاتيح 5 / 602 . [2] الإصابة في تمييز الصحابة 4 / 378 .