نام کتاب : الأخلاق الحسينية نویسنده : جعفر البياتي جلد : 1 صفحه : 214
يسلبها [1] . ثم تقدم نحو القوم مصلتا سيفا ، ودعا الناس إلى البراز فلم يزل يقتل كل من برز إليه ، حتى قتل جمعا كثيرا [2] . قال الأربلي [3] : وشجاعة الحسين عليه السلام يضرب بها المثل وصبره في مأقط الحراب ( أي مضيقه ) أعجز الأواخر والأول ، وثباته إذا دعيت نزال ثبات الجبل ، وإقدامه إذا ضاق المجال إقدام الأجل ، ومقامه في مقابلة هؤلاء الفجرة عادل مقام جده صلى الله عليه وآله ببدر فاعتدل ، وصبره على كثرة أعدائه وقلة أنصاره صبر أبيه عليه السلام في صفين والجمل ، ومشرب العداوة واحد فبفعل الأول فعل الآخر ما فعل ، فكم من فارس مدل ببأسه جدله عليه السلام فانجدل ، وكم من بطل طل دمه فبطل ، وكم حكم سيفه فحكم في الهوادي والقلل ، فما لاقى شجاعا إلا وكان لأمه الهبل . ولما اشتد به العطش ، وأعياه الكر والفر على جموع المبارزين ، هجموا عليه غدرا بالحجارة ، ورميا من بعيد بالسهم ، جبنا منهم أن يبارزه الرجل بعد الرجل . ثم أصابته صدمات فضعف عن الجلوس ، وجعل يقوم مرة ويسقط أخرى . . كل ذلك لئلا يروه مطروحا فيشمتون [4] . فجمع سلام الله عليه إلى الشجاعة إباء وعزة ، وإلى رفض الباطل محاربة له ، وإلى إنكار المنكر ترفعا عنه ، فكان كريم النفس . . مضى هكذا ، وختم حياته أشرف خاتمة ولم ينل منه العدو موقف ضعف أو ذلة ، فأصبح النبراس الوهاج في سماء التضحية ، والشجاعة ، والفداء ، والإباء .