نام کتاب : الأخلاق الحسينية نویسنده : جعفر البياتي جلد : 1 صفحه : 213
العار والقتل ، يختار القتل ، وحينما يدور المدار بين الدنيا الآثمة ودخول المعركة القاتلة فإنه يخطو بشوق إلى القتال والموت المحتم . . حيث يرى فيه حياته ، ويرى في الحياة الخانعة الموت الحقيقي . وهكذا كان رجل الإباء ، سيد الشهداء ، الحسين بن علي صلوات الله عليه ، حتى عبر عن ذلك ابن نباتة فقال : الحسين . . الذي رأى القتل في العز حياة والعيش في الذل قتلا [1] . لقد كان الإباء ينطلق من لسان الإمام الحسين عليه السلام قولا صادقا ، حتى تمثل في كربلاء بأجلى صورة مواقف شامخة ، فوقف على أرض الطف وقال في شجاعة الرجل الأبي : ألا إن الدعي ابن الدعي ، قد ركز بين اثنتين ، بين السلة والذلة ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وحجور طابت وطهرت ، وأنوف حمية ، ونفوس أبية ، من أن نؤثر طاعة اللئام ، على مصارع الكرام [2] . وقد ترجم الإمام الحسين سلام الله عليه كل كلمة من هذه الكلمات إلى جميع لغات العزة والكرامة ، والإباء والشهامة ، والرفعة والشرف المؤبد . . فكان أن وقف على أرض الطف وحيدا بعد مقتل أخيه العباس عليه السلام ، وأمامه ثلاثون ألف مقاتل ، فلم يروه يهتز هيبة منهم ، ولم يجدوا فيه رغبة في استسلام ، بل وقفوا يتأملون فيه ماذا هو صانع بنفسه ، فإذا الحسين عليه السلام يطلب ثوبا لا يرغب فيه أحد ، يضعه تحت ثيابه لئلا يجرد منه . . فإنه مقتول مسلوب ، فأتوه بتبان فلم يرغب فيه لأنه من لباس الذلة [3] ، وأخذ ثوبا وخرقه وجعله تحت ثيابه [4] ، ودعا بسراويل حبرة ففزرها ولبسها لئلا
[1] المناقب 4 : 68 . [2] تاريخ دمشق ، لابن عساكر : 215 . [3] المناقب 2 : 222 . [4] مجمع الزوائد ، للهيثمي 9 : 193 .
213
نام کتاب : الأخلاق الحسينية نویسنده : جعفر البياتي جلد : 1 صفحه : 213