فقال أحمد أمين : الهداية والارشاد والتهذيب . فقال له الشيخ : إذن فهل يحصل الارشاد من شخص يقول : لا تكذب وهو يكذب ؟ ولا تشرب الخمر وهو يشرب الخمر ؟ ولا تزن وهو يرتكب الزنا ؟ وهل يحصل الغرض ، وتتم الفائدة من الهداية من شخص يجوز عليه الغلط ، والغفلة ، والنسيان ، والاشتباه ؟ ! لا شك في أن الجواب بالسلب . وإذا كان إرسال الرسل ، وبعث الأنبياء واجبا بالحكمة حسب العناية الأزلية ، فالعصمة أشد لزوما ، وأقوى وجوبا ، وإلا بطل الغرض ، وماتت الفائدة ، وانتقضت الحكمة . فسأله أحمد أمين : ما الدليل على انفتاح باب الاجتهاد عندكم ؟ فأجابه الشيخ : وما الدليل على انسداده ؟ ! وأية آية أو خبر تدل بالحجر على العقول ، والضغط على الأفكار ، وسلب هذه الحرية الفكرية التي منحها الله تعالى لعباده ، وكانت من أفضل نعمه على خلقه ؟ ! . غاية ما هناك أن الله سبحانه وتعالى رأفة بالعباد ، ورفعا لمشقة الاجتهاد ، ورعاية لحفظ نظام الهيئة الاجتماعية ، ووجوب قيام كل طائفة لشأن من الشؤون الضرورية ، فتتوزع الأعمال ، وتتبادل المنافع ، لذلك كله رفع وجوب الاجتهاد عن كل فرد من المكلفين ، وأطلق لهم السراح في ذلك ، فجعل وجوبه كفائيا ، وأجاز رجوع العامة إلى المجتهدين وتقليدهم في أمور الدين . أما من أنفت نفسه ، وسمت همته عن حطة التقليد وخطة الأتباع ، وأراد أن يأخذ الحكم من دليله على قواعد الفن والصناعة ، فأي دليل على منعه وحجر ذلك عليه ؟ ! وهل نجد عاقلا في الدنيا يمنع عن العلم ويأمر بالجهل ؟ وإن مذهبا يكون هذا الحكم من دعائمه وقواعده أحرى بأن يسمى مذهب الجهالة والتضليل ، ومن آراء العصور المظلمة ، وبقايا أديان الجاهلية والاستبداد ، هذا أما دين الاسلام فهو أرفع وأنصع من ذلك ، ولو لم يكن دليل